Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ولَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ ﴿لَقالُوا إنَّما سُكِّرَتْ أبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ عُطِفَ عَلى جُمْلَةِ ”﴿لا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الحجر: ١٣]“ وهو كَلامٌ جامِعٌ لِإبْطالِ جَمِيعِ مَعاذِيرِهِمْ مِن قَوْلِهِمْ ﴿لَوْما تَأْتِينا بِالمَلائِكَةِ﴾ [الحجر: ٧] وقَوْلِهِمْ ﴿إنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦]
صفحة ٢٦
بِأنَّهم لا يَطْلُبُونَ الدَّلالَةَ عَلى صِدْقِهِ؛ لِأنَّ دَلائِلَ الصِّدْقِ بَيِّنَةٌ، ولَكِنَّهم يَنْتَحِلُونَ المَعاذِيرَ المُخْتَلِفَةَ.والكَلامُ الجامِعُ لِإبْطالِ مَعاذِيرِهِمْ: أنَّهم لَوْ فَتَحَ اللَّهُ بابًا مِنَ السَّماءِ حِينَ سَألُوا آيَةً عَلى صِدْقِ الرَّسُولِ ﷺ، أيْ: بِطَلَبٍ مِنَ الرَّسُولِ فاتَّصَلُوا بِعالِمِ القُدُسِ والنُّفُوسِ المَلَكِيَّةِ ورَأوْا ذَلِكَ رَأْيَ العَيْنِ لاعْتَذَرُوا بِأنَّها تَخَيُّلاتٌ وأنَّهم سُحِرُوا فَرَأوْا ما لَيْسَ بِشَيْءٍ شَيْئًا.
ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ ﴿ولَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا في قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ هَذا إلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [الأنعام: ٧] .
(و ظَلَّ) تَدُلُّ عَلى الكَوْنِ في النَّهارِ، أيْ: وكانَ ذَلِكَ في وضَحِ النَّهارِ وتَبَيُّنِ الأشْباحِ، وعَدَمِ التَّرَدُّدِ في المَرْئِيِّ.
والعُرُوجُ: الصُّعُودُ، ويَجُوزُ في مُضارِعِهِ ضَمُّ الرّاءِ - وبِهِ القِراءَةُ - وكَسْرُها، أيْ: فَكانُوا يَصْعَدُونَ في ذَلِكَ البابِ نَهارًا.
وسُكِّرَتْ بِضَمِّ السِّينِ وتَشْدِيدِ الكافِ في قِراءَةِ الجُمْهُورِ، وبِتَخْفِيفِ الكافِ في قِراءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ، وهو مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ عَلى القِراءَتَيْنِ، أيْ: سُدَّتْ، يُقالُ: سَكَّرَ البابَ بِالتَّشْدِيدِ وسَكَرَهُ بِالتَّخْفِيفِ إذا سَدَّهُ.
والمَعْنى: لَجَحَدُوا أنْ يَكُونُوا رَأوْا شَيْئًا.
وأتَوْا بِصِيغَةِ الحَصْرِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهم قَدْ بَتُّوا القَوْلَ في ذَلِكَ، ورَدُّ بَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ ظَنٌّ أنْ يَكُونُوا رَأوْا أبْوابَ السَّماءِ وعَرَجُوا فِيها، وزَعَمُوا أنَّهم ما كانُوا يُبْصِرُونَ، ثُمَّ أضْرَبُوا عَنْ ذَلِكَ إضْرابَ المُتَرَدِّدِ المُتَحَيِّرِ يَنْتَقِلُ مِن فَرْضٍ إلى فَرْضٍ فَقالُوا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ، أيْ: ما رَأيْناهُ هو تَخَيُّلاتِ المَسْحُورِ، أيْ: فَعادُوا إلى إلْقاءِ تَبِعَةِ ذَلِكَ عَلى الرَّسُولِ ﷺ بِأنَّهُ سَحَرَهم حِينَ سَألَ لَهُمُ اللَّهَ أنْ يَفْتَحَ بابًا مِنَ السَّماءِ فَفَتَحَهُ لَهم.
صفحة ٢٧
وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى السِّحْرِ وأحْوالِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: ١٠٢] في سُورَةِ البَقَرَةِ.وإقْحامُ كَلِمَةِ (قَوْمٌ) هُنا دُونَ أنْ يَقُولُوا: بَلْ نَحْنُ مَسْحُورُونَ؛ لِأنَّ ذِكْرَها يَقْتَضِي أنَّ السِّحْرَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنهم، واسْتَوى فِيهِ جَمِيعُهم حَتّى صارَ مِن خَصائِصِ قَوْمِيَّتِهِمْ كَما تَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٦٤] في سُورَةِ البَقَرَةِ، وتَكَرَّرَ ذَلِكَ.