صفحة ٣٥

﴿والأرْضَ مَدَدْناها وألْقَيْنا فِيها رَواسِي وأنْبَتْنا فِيها مِن كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ ﴿وجَعَلْنا لَكم فِيها مَعايِشَ ومَن لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ﴾

انْتِقالٌ مِنَ الِاسْتِدْلالِ بِالآياتِ السَّماوِيَّةِ إلى الِاسْتِدْلالِ بِالآياتِ الأرْضِيَّةِ لِمُناسَبَةِ المُضادَّةِ.

وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى مَعْنى (مَدَدْناها) وعَلى (الرَّواسِيَ) في سُورَةِ الرَّعْدِ.

والمَوْزُونُ: مُسْتَعارٌ لِلْمِقْدَرِ المَضْبُوطِ.

ومَعايِشُ: جَمْعُ مَعِيشَةٍ، وبَعْدَ الألْفِ ياءٌ تَحْتِيَّةٌ لا هَمْزَةٌ كَما تَقَدَّمَ في صَدْرِ سُورَةِ الأعْرافِ.

﴿ومَن لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ﴾ عَطْفٌ عَلى الضَّمِيرِ المَجْرُورِ في لَكُمُ، إذْ لا يَلْزَمُ لِلْعَطْفِ عَلى الضَّمِيرِ المَجْرُورِ المُنْفَصِلِ الفَصْلُ بِضَمِيرٍ مُنْفَصِلٍ عَلى التَّحْقِيقِ، أيْ: جَعَلْنا لَكم أيُّها المُخاطَبِينَ في الأرْضِ مَعايِشَ، وجَعَلْنا في الأرْضِ مَعايِشَ لِمَن لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ، أيْ: لِمَن لَسْتُمْ لَهُ بِمُطْعِمِينَ.

وماصَدَقُ (مَن) الَّذِي يَأْكُلُ طَعامَهُ مِمّا في الأرْضِ، وهي المَوْجُوداتُ الَّتِي تَقْتاتُ مِن نَباتِ الأرْضِ ولا يَعْقِلُها النّاسُ.

والإتْيانُ بِـ (مَن) الَّتِي الغالِبُ اسْتِعْمالُها لِلْعاقِلِ لِلتَّغْلِيبِ.

ومَعْنى ﴿لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ﴾ نَفْيٌ أنْ يَكُونُوا رازِقِيهِ؛ لِأنَّ الرِّزْقَ الإطْعامُ، ومَصْدَرُ رَزَقَهُ الرَّزْقَ بِفَتْحِ الرّاءِ، وأمّا الرِّزْقُ بِكَسْرِ الرّاءِ فَهو الِاسْمُ وهو القُوتُ.