﴿وإنّا لَنَحْنُ نُحْيِي ونُمِيتُ ونَحْنُ الوارِثُونَ﴾ لَمّا جَرى ذِكْرُ إنْزالِ المَطَرِ، وكانَ مِمّا يَسْبِقُ إلى الأذْهانِ عِنْدَ ذِكْرِ المَطَرِ إحْياءُ الأرْضِ بِهِ ناسَبَ أنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُ جِنْسُ الإحْياءِ كُلِّهِ لِما فِيهِ مِن غَرَضِ الِاسْتِدْلالِ عَلى الغافِلِينَ عَنِ الوَحْدانِيَّةِ؛ ولِأنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلى إمْكانِ البَعْثِ، والمَقْصُودُ ذِكْرُ الإحْياءِ ولِذَلِكَ قَدَّمَ الإماتَةَ لِلتَّكْمِيلِ.

والجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿ولَقَدْ جَعَلْنا في السَّماءِ بُرُوجًا﴾ [الحجر: ١٦] لِلدَّلالَةِ عَلى القُدْرَةِ وعُمُومِ التَّصَرُّفِ.

وضَمِيرُ نَحْنُ ضَمِيرُ فَصْلٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ لامُ الِابْتِداءِ، وأُكِّدَ الخَبَرُ بِـ (إنَّ) واللّامُ وضَمِيرُ الفَصْلِ لِتَحْقِيقِهِ، وتَنْزِيلًا لِلْمُخاطَبِينَ في إشْراكِهِمْ مَنزِلَةَ المُنْكِرِينَ لِلْإحْياءِ والإماتَةِ.

والمُرادُ بِالإحْياءِ تَكْوِينُ المَوْجُوداتِ الَّتِي فِيها الحَياةُ وإحْياؤُها أيْضًا بَعْدَ فَناءِ الأجْسامِ، وقَدْ أُدْمِجَ في الِاسْتِدْلالِ عَلى تَفَرُّدِ اللَّهِ تَعالى بِالتَّصَرُّفِ إثْباتُ البَعْثِ ودَفْعُ اسْتِبْعادِ وُقُوعِهِ واسْتِحالَتِهِ.

ولَمّا كانَ المُشْرِكُونَ مُنْكِرِينَ مِنَ الإحْياءِ كانَ تَوْكِيدُ الخَبَرِ مُسْتَعْمَلًا في مَعْنَيَيْهِ الحَقِيقِيِّ والتَّنْزِيلِيِّ.

وجُمْلَةُ ﴿ونَحْنُ الوارِثُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ وإنّا نُحْيِي ونُمِيتُ.

ومَعْنى الإرْثِ هُنا البَقاءُ بَعْدَ المَوْجُوداتِ تَشْبِيهًا بِالإرْثِ وهو أخْذُ ما يَتْرُكُهُ المَيِّتُ مِن أرْضٍ وغَيْرِها.