﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ ﴿عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الفاءُ لِلتَّفْرِيعِ، وهَذا تَفْرِيعٌ عَلى ما سَبَقَ مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ فاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ﴾ [الحجر: ٨٥] .

والواوُ لِلْقَسَمِ، فالمُفَرَّعُ هو القَسَمُ وجَوابُهُ، والمَقْصُودُ بِالقَسَمِ تَأْكِيدُ الخَبَرِ، ولَيْسَ الرَّسُولُ ﷺ مِمَّنْ يَشُكُّ في صِدْقِ هَذا الوَعِيدِ، ولَكِنَّ التَّأْكِيدَ مُتَسَلِّطٌ عَلى ما في الخَبَرِ مِن تَهْدِيدِ مُعادِ ضَمِيرِ النَّصْبِ في (لَنَسْألَنَّهم) .

ووَصْفُ الرَّبِّ مُضافًا إلى ضَمِيرِ النَّبِيءِ ﷺ إيماءً إلى أنَّ في السُّؤالِ المُقْسَمِ عَلَيْهِ حَظًّا مِنَ التَّنْوِيهِ بِهِ، وهو سُؤالُ اللَّهِ المُكَذِّبِينَ عَنْ تَكْذِيبِهِمْ إيّاهُ سُؤالَ رَبٍّ يَغْضَبُ لِرَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - .

والسُّؤالُ مُسْتَعْمَلٌ في لازِمِ مَعْناهُ وهو عِقابُ المَسْئُولِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر: ٨] فَهو وعِيدٌ لِلْفَرِيقَيْنِ.