Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وما تُعْلِنُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ﴾ [النحل: ١٧]، فَبَعْدَ أنْ أثْبَتَ أنَّ اللَّهَ مُنْفَرِدٌ بِصِفَةِ الخَلْقِ دُونَ غَيْرِهِ بِالأدِلَّةِ العَدِيدَةِ ثُمَّ بِاسْتِنْساخِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ﴾ [النحل: ١٧] انْتَقَلَ هُنا إلى إثْباتِ أنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِعُمُومِ العِلْمِ.
ولَمْ يُقَدَّمْ لِهَذا الخَبَرِ اسْتِدْلالٌ ولا عُقِّبَ بِالدَّلِيلِ؛ لِأنَّهُ مِمّا دَلَّتْ عَلَيْهِ أدِلَّةُ الِانْفِرادِ بِالخَلْقِ؛ لِأنَّ خالِقَ أجْزاءِ الإنْسانِ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ يَجِبُ لَهُ أنْ
صفحة ١٢٥
يَكُونُ عالِمًا بِدَقائِقِ حَرَكاتِ تِلْكَ الأجْزاءِ وهي بَيْنَ ظاهِرٍ وخَفِيٍّ، فَلِذَلِكَ قالَ ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وما تُعْلِنُونَ﴾ .والمُخاطَبُ هُنا هُمُ المُخاطَبُونَ بِقَوْلِهِ تَعالى أفَلا تَذَكَّرُونَ، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالتَّهْدِيدِ والوَعِيدِ بِأنَّ اللَّهَ مُحاسِبُهم عَلى كُفْرِهِمْ.
وفِيهِ إعْلامٌ بِأنَّ أصْنامَهم بِخِلافِ ذَلِكَ كَما دَلَّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ المُسْنَدِ إلَيْهِ عَلى الخَبَرِ الفِعْلِيِّ، فَإنَّهُ يُفِيدُ القَصْرَ لِرَدِّ دَعْوى الشَّرِكَةِ.
وقَرَأ حَفْصٌ (ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ) بِالتَّحْتِيَّةِ فِيهِما، وهو التِفاتٌ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ، وعَلى قِراءَتِهِ تَكُونُ الجُمْلَةُ أظْهَرُ في التَّهْدِيدِ مِنها في قَصْدِ التَّعْلِيمِ.