Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿إنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إذا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُتَّصِلَةٌ بِجُمْلَةِ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٣٨]؛ لِبَيانِ أنَّ جَهْلَهم بِمَدى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى هو الَّذِي جَرَّأهم عَلى إنْكارِ البَعْثِ واسْتِحالَتِهِ
صفحة ١٥٦
عِنْدَهم، فَهي بَيانٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها ولِذَلِكَ فُصِلَتْ، ووَقَعَتْ جُمْلَةُ ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النحل: ٣٩] إلى آخِرِها اعْتِراضًا بَيْنَ البَيانِ والمُبَيَّنِ.والمَعْنى أنَّهُ لا يَتَوَقَّفُ تَكْوِينُ شَيْءٍ إذا أرادَهُ اللَّهُ إلّا عَلى أنْ تَتَعَلَّقَ قُدْرَتُهُ بِتَكْوِينِهِ، ولَيْسَ إحْياءُ الأمْواتِ إلّا مِن جُمْلَةِ الأشْياءِ، وما البَعْثُ إلّا تَكْوِينٌ، فَما بَعْثُ الأمْواتِ إلّا مِن جُمْلَةِ تَكْوِينِ المَوْجُوداتِ، فَلا يَخْرُجُ عَنْ قُدْرَتِهِ.
وأفادَتْ (إنَّما) قَصْرًا هو قَصْرُ وُقُوعِ التَّكْوِينِ عَلى صُدُورِ الأمْرِ بِهِ، وهو قَصْرُ قَلْبٍ؛ لِإبْطالِ اعْتِقادِ المُشْرِكِينَ تَعَذُّرَ إحْياءِ المَوْتى ظَنًّا مِنهم أنَّهُ لا يَحْصُلُ إلّا إذا سَلِمَتِ الأجْسادُ مِنَ الفَسادِ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا، فَأُرِيدَ بِـ ﴿قَوْلُنا لِشَيْءٍ﴾ تَكْوِينُنا شَيْئًا، أيْ تَعَلُّقُ القُدْرَةِ بِخَلْقِ شَيْءٍ، وأُرِيدَ بِقَوْلِهِ ﴿إذا أرَدْناهُ﴾ إذا تَعَلَّقَتْ بِهِ الإرادَةُ الإلَهِيَّةُ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًا، فَإذا كانَ سَبَبُ التَّكْوِينِ لَيْسَ زائِدًا عَلى قَوْلِ كُنْ فَقَدْ بَطَلَ تَعَذُّرُ إحْياءِ المَوْتى، ولِذَلِكَ كانَ هَذا قَصْرَ قَلْبٍ لِإبْطالِ اعْتِقادِ المُشْرِكِينَ.
والشَّيْءُ: أُطْلِقَ هُنا عَلى المَعْدُومِ بِاعْتِبارِ إرادَةِ وجُودِهِ، فَهو مِن إطْلاقِ اسْمِ ما يَئُولُ إلَيْهِ، أوِ المُرادُ بِالشَّيْءِ مُطْلَقُ الحَقِيقَةِ المَعْلُومَةِ، وإنْ كانَتْ مَعْدُومَةً، وإطْلاقُ الشَّيْءِ عَلى المَعْدُومِ مُسْتَعْمَلٌ.
و﴿أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ﴾ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِنا.
والمُرادُ بِقَوْلِ (كُنْ) تَوَجُّهُ القُدْرَةِ إلى إيجادِ المَقْدُورِ، عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ التَّوَجُّهِ بِالقَوْلِ بِالكَلامِ كَما عَبَّرَ عَنْهُ بِالأمْرِ في قَوْلِهِ ﴿إنَّما أمْرُهُ إذا أرادَ شَيْئًا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]، وشُبِّهَ الشَّيْءُ المُمْكِنُ حُصُولُهُ بِشَخْصٍ مَأْمُورٍ، وشُبِّهَ انْفِعالُ المُمْكِنِ لِأمْرِ التَّكْوِينِ بِامْتِثالِ المَأْمُورِ لِأمْرِ الآمِرِ، وكُلُّ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ لِلنّاسِ بِما يَعْقِلُونَ، ولَيْسَ هو خِطابًا لِلْمَعْدُومِ، ولا أنَّ لِلْمَعْدُومِ سَمْعًا يَعْقِلُ بِهِ الكَلامَ فَيَمْتَثِلُ لِلْآمِرِ.
صفحة ١٥٧
و(كانَ) تامَّةٌ.وقَرَأ الجُمْهُورُ (فَيَكُونُ) بِالرَّفْعِ أيْ (فَهو يَكُونُ)، عَطْفًا عَلى الخَبَرِ وهو جُمْلَةُ (أنْ نَقُولَ)، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ والكِسائِيُّ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى (نَقُولَ)، أيْ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ وأنْ يَكُونَ.