Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إلّا بِاللَّهِ ولا تَحْزَنُ عَلَيْهِمْ ولا تَكُ في ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ﴾ خُصَّ النَّبِيءُ ﷺ بِالأمْرِ بِالصَّبْرِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ مَقامَهُ أعْلى، فَهو بِالتِزامِ الصَّبْرِ أوْلى؛ أخْذًا بِالعَزِيمَةِ بَعْدَ أنْ رَخَّصَ لَهم في المُعاقَبَةِ.
صفحة ٣٣٧
وجُمْلَةُ وما صَبْرُكَ إلّا بِاللَّهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ المُتَعاطِفاتِ، أيْ وما يَحْصُلُ صَبْرُكَ إلّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ إيّاكَ، وفي هَذا إشارَةٌ إلى أنَّ صَبْرَ النَّبِيءِ ﷺ عَظِيمٌ؛ لِأنَّهُ لَقِيَ مِن أذى المُشْرِكِينَ أشَدَّ مِمّا لَقِيَهُ عُمُومُ المُسْلِمِينَ، فَصَبْرُهُ لَيْسَ كالمُعْتادِ، لِذَلِكَ كانَ حُصُولُهُ بِإعانَةٍ مِنَ اللَّهِ.وحَذَّرَهُ مِنَ الحُزْنِ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا كَقَوْلِهِ ﴿لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٣] .
ثُمَّ أعْقَبَهُ بِأنْ لا يَضِيقَ صَدْرُهُ مِن مَكْرِهِمْ. وهَذِهِ أحْوالٌ مُخْتَلِفَةٌ تَحْصُلُ في النَّفْسِ بِاخْتِلافِ الحَوادِثِ المُسَبِّبَةِ لَها؛ فَإنَّهم كانُوا يُعامِلُونَ النَّبِيءَ مَرَّةً بِالأذى عَلَنًا، ومَرَّةً بِالإعْراضِ عَنِ الِاسْتِماعِ إلَيْهِ، وإظْهارِ أنَّهم يَغِيظُونَهُ بِعَدَمِ مُتابَعَتِهِ، وآوِنَةً بِالكَيْدِ والمَكْرِ لَهُ، وهو تَدْبِيرُ الأذى في خَفاءٍ.
والضَّيْقُ: بِفَتْحِ الضّادِ، وسُكُونِ الياءِ مَصْدَرُ (ضاقَ)، مِثْلُ السَّيْرِ والقَوْلِ، وبِها قَرَأ الجُمْهُورُ.
ويُقالُ: الضِّيقُ بِكَسْرِ الضّادِ مِثْلُ: القِيلِ، وبِها قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ.
وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿وضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ [هود: ١٢]، والمُرادُ ضِيقُ النَّفَسِ، وهو مُسْتَعارٌ لِلْجَزَعِ والكَدَرِ، كَما اسْتُعِيرَ ضِدُّهُ، وهو السَّعَةُ والِاتِّساعُ لِلِاحْتِمالِ والصَّبْرِ، يُقالُ: فُلانٌ ضَيِّقُ الصَّدْرِ، قالَ تَعالى في آخِرِ الحِجْرِ ﴿ولَقَدْ نَعْلَمُ أنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ﴾ [الحجر: ٩٧]، ويُقالُ: سَعَةُ الصَّدْرِ.
والظَّرْفِيَّةُ في ضِيقٍ مَجازِيَّةٌ، أيْ لا يُلابِسُكَ ضِيقُ مُلابَسَةِ الظَّرْفِ لِلْحالِّ فِيهِ.
و(ما) مَصْدَرِيَّةٌ، أيْ مِن مَكْرِهِمْ، واخْتِيرَ الفِعْلُ المُنْسَبِكُ إلى مَصْدَرٍ؛ لِما يُؤْذِنُ بِهِ الفِعْلُ المُضارِعُ مِنَ التَّجَدُّدِ والتَّكَرُّرِ.