Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا في هَذا القُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وما يَزِيدُهم إلّا نُفُورًا﴾ لَمّا ذَكَرَ فَظاعَةَ قَوْلِهِمْ بِأنَّ المَلائِكَةَ بَناتُ اللَّهِ أعْقَبَ ذَلِكَ بِأنَّ في القُرْآنِ هَدْيًا كافِيًا، ولَكِنَّهم يَزْدادُونَ نُفُورًا مِن تَدَبُّرِهِ.
فَجُمْلَةُ ﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا في هَذا القُرْآنِ﴾ مُعْتَرِضَةٌ مُقْتَرِنَةٌ بِواوِ الِاعْتِراضِ.
والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى الَّذِينَ عَبَدُوا المَلائِكَةَ، وزَعَمُوهم بَناتِ اللَّهِ.
والتَّصْرِيفُ: أصْلُهُ تَعَدُّدُ الصَّرْفِ، وهو النَّقْلُ مِن جِهَةٍ إلى أُخْرى، ومِنهُ تَصْرِيفُ الرِّياحِ، وهو هُنا كِنايَةٌ عَنِ التَّبْيِينِ بِمُخْتَلِفِ البَيانِ ومُتَنَوِّعِهِ، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ ثُمَّ هم يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: ٤٦] في سُورَةِ الأنْعامِ.
وحُذِفَ مَفْعُولُ صَرَّفْنا؛ لِأنَّ الفِعْلَ نَزَلَ مَنزِلَةَ اللّازِمِ فَلَمْ يُقَدَّرْ لَهُ مَفْعُولٌ، أيْ، بَيَّنّا البَيانَ، أيْ لِيَذَّكَّرُوا بِبَيانِهِ، ويَذَّكَّرُوا: أصْلُهُ يَتَذَكَّرُوا، فَأُدْغِمَ التّاءُ في الذّالِ لِتَقارُبِ مَخْرَجَيْهِما، وقَدْ تَقَدَّمَ في أوَّلِ سُورَةِ يُونُسَ، وهو مِنَ الذُّكْرِ المَضْمُومِ الذّالِ الَّذِي هو ضِدُّ النِّسْيانِ.
وضَمِيرُ لِيَذَّكَّرُوا عائِدٌ إلى مَعْلُومٍ مِنَ المَقامِ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿أفَأصْفاكم رَبُّكم بِالبَنِينَ﴾ [الإسراء: ٤٠] أيْ لِيَذَّكَّرَ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِالتَّوْبِيخِ في قَوْلِهِ ﴿أفَأصْفاكم رَبُّكُمْ﴾ [الإسراء: ٤٠]، فَهو التِفاتٌ مِنِ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ، أوْ مِن خِطابِ المُشْرِكِينَ إلى خِطابِ المُؤْمِنِينَ.
وقَوْلُهُ ﴿وما يَزِيدُهم إلّا نُفُورًا﴾ تَعَجُّبٌ مِن حالِهِمْ.
صفحة ١١٠
وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ لِيَذْكُرُوا بِسُكُونِ الذّالِ وضَمِّ الكافِ مُخَفَّفَةً مُضارِعُ (ذَكَرَ) الَّذِي مَصْدَرُهُ الذُّكْرُ بِضَمِّ الذّالِ.وجُمْلَةُ ﴿وما يَزِيدُهم إلّا نُفُورًا﴾ في مَوْضِعِ الحالِ، وهو حالٌ مَقْصُودٌ مِنهُ التَّعْجِيبُ مِن حالِ ضَلالَتِهِمْ، إذْ كانُوا يَزْدادُونَ نُفُورًا مِن كَلامٍ فَصْلٍ وبَيِّنٍ لِتَذْكِيرِهِمْ، وشَأْنُ التَّفْصِيلِ أنْ يُفِيدَ الطُّمَأْنِينَةَ لِلْمَقْصُودِ، والنُّفُورُ: هُرُوبُ الوَحْشِيِّ والدّابَّةِ بِجَزَعٍ وخَشْيَةٍ مِنَ الأذى، واسْتُعِيرَ هُنا لِإعْراضِهِمْ تَنْزِيلًا لَهم مَنزِلَةَ الدَّوابِّ والأنْعامِ.