Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ١١٣
﴿سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ إنْشاءُ تَنْزِيهٍ لِلَّهِ تَعالى عَمّا ادَّعَوْهُ مِن وُجُودِ شُرَكاءَ لَهُ في الإلَهِيَّةِ.وهَذا مِنَ المَقُولِ اعْتِراضٌ بَيْنَ أجْزاءِ المَقُولِ، وهو مُسْتَأْنَفٌ؛ لِأنَّهُ نَتِيجَةٌ لِبُطْلانِ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً، بِما نَهَضَتْ بِهِ الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ مِن قَوْلِهِ ﴿إذَنْ لابْتَغَوْا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٤٢]، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِهِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يَصِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٠] في سُورَةِ الأنْعامِ.
والمُرادُ بِما يَقُولُونَ ما يَقُولُونَهُ مِمّا ذُكِرَ آنِفًا كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿ونَرِثُهُ ما يَقُولُ﴾ [مريم: ٨٠] .
وعُلُوًّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عامِلُهُ تَعالى، جِيءَ بِهِ عَلى غَيْرِ قِياسِ فِعْلِهِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ التَّعالِيَ هو الِاتِّصافُ بِالعُلُوِّ بِحَقٍّ لا بِمُجَرَّدِ الِادِّعاءِ كَقَوْلِ سُعْدَةَ أُمِّ الكُمَيْتِ بْنِ مُعَرٍّ:
تَعالَيْتَ فَوْقَ الحَقِّ عَنْ آلِ فَقْعَسٍ ولَمْ تَخْشَ فِيهِمْ رِدَّةَ اليَوْمِ أوْ غَدِ
وقَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿ما هَذا إلّا بَشَرٌ مِثْلُكم يُرِيدُ أنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ [المؤمنون: ٢٤]، أيْ يَدَّعِي الفَضْلَ، ولا فَضْلَ لَهُ، وهو مَنصُوبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ المُبَيِّنَةِ لِلنَّوْعِ.والمُرادُ بِالكَبِيرِ الكامِلُ في نَوْعِهِ، وأصْلُ الكَبِيرِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ: المَوْصُوفُ بِالكِبَرِ، والكِبَرُ: ضَخامَةُ جِسْمِ الشَّيْءِ في مُتَناوَلِ النّاسِ، أيْ تَعالى أكْمَلُ عُلُوٍّ لا يَشُوبُهُ شَيْءٌ مِن جِنْسِ ما نَسَبُوهُ إلَيْهِ؛ لِأنَّ المُنافاةَ بَيْنَ اسْتِحْقاقِ ذاتِهِ وبَيْنَ نِسْبَةِ الشَّرِيكِ لَهُ والصّاحِبَةِ والوَلَدِ بَلَغَتْ في قُوَّةِ الظُّهُورِ إلى حَيْثُ لا تَحْتاجُ إلى زِيادَةٍ؛ لِأنَّ وُجُوبَ الوُجُودِ والبَقاءِ يُنافِي آثارَ الِاحْتِياجِ والعَجْزِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿عَمّا يَقُولُونَ﴾ بِياءِ الغَيْبَةِ، وقَرَأهُ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ بِتاءِ الخِطابِ عَلى أنَّهُ التِفاتٌ، أوْ هو مِن جُمْلَةِ المَقُولِ مِن قَوْلِهِ ﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ﴾ [الإسراء: ٤٢] عَلى هَذِهِ القِراءَةِ.