Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وإنْ مِن قَرْيَةٍ إلّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ أوْ مُعَذِّبُوها عَذابًا شَدِيدًا كانَ ذَلِكَ في الكِتابِ مَسْطُورًا﴾
ولَمّا عَرَّضَ بِالتَّهْدِيدِ لِلْمُشْرِكِينَ في قَوْلِهِ ﴿إنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: ٥٧]، وتَحَدّاهم بِقَوْلِهِ ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِن دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ﴾ [الإسراء: ٥٦] جاءَ بِصَرِيحِ التَّهْدِيدِ عَلى مَسْمَعٍ مِنهم، بِأنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ مِثْلِ قَرْيَتِهِمْ في الشِّرْكِ لا يَعْدُوها عَذابُ الِاسْتِئْصالِ وهو يَأْتِي عَلى القَرْيَةِ وأهْلِها، أوْ عَذابُ الِانْتِقامِ بِالسَّيْفِ والذُّلِّ والأسْرِ والخَوْفِ والجُوعِ، وهو يَأْتِي عَلى أهْلِ القَرْيَةِ مِثْلِ صَرْعى بَدْرٍ، كُلُّ ذَلِكَ في الدُّنْيا، فالمُرادُ: القُرى الكافِرُ أهْلُها؛ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿وما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ [هود: ١١٧] في سُورَةِ هُودٍ، وقَوْلِهِ ﴿وما كُنّا مُهْلِكِي القُرى إلّا وأهْلُها ظالِمُونَ﴾ [القصص: ٥٩] في سُورَةِ القَصَصِ.
وحَذْفُ الصِّفَةِ في مِثْلِ هَذا مَعْرُوفٌ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: ٧٩] أيْ كُلَّ سَفِينَةٍ صالِحَةٍ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿فَأرَدْتُ أنْ أعِيبَها﴾ [الكهف: ٧٩] .
ولَيْسَ المَقْصُودُ شُمُولَ ذَلِكَ القُرى المُؤْمِنَةَ، عَلى مَعْنى أنْ لا بُدَّ لِلْقُرى مِن زَوالٍ وفَناءٍ في سُنَّةِ اللَّهِ في هَذا العالَمِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ مُعارِضٌ لِآياتٍ أُخْرى، ولِأنَّهُ مُنافٍ لِغَرَضِ تَحْذِيرِ المُشْرِكِينَ مِنَ الِاسْتِمْرارِ عَلى الشِّرْكِ.
فَلَوْ سَلَّمْنا أنَّ هَذا الحُكْمَ لا تَنْفَلِتُ مِنهُ قَرْيَةٌ مِنَ القُرى بِحُكْمِ سُنَّةِ اللَّهِ في مَصِيرِ كُلِّ حادِثٍ إلى الفَناءِ لَما سَلَّمْنا أنَّ في ذِكْرِ ذَلِكَ هُنا فائِدَةً.
والتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ ﴿قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ﴾ زِيادَةٌ في الإنْذارِ والوَعِيدِ، كَقَوْلِهِ ﴿ولَعَذابُ الآخِرَةِ أشَدُّ وأبْقى﴾ [طه: ١٢٧] .
صفحة ١٤٢
و(مِن) مَزِيدَةٌ بَعْدَ (إنِ) النّافِيَةِ لِتَأْكِيدِ اسْتِغْراقِ مَدْخُولِها بِاعْتِبارِ الصِّفَةِ المُقَدَّرَةِ، أيْ جَمِيعِ القُرى الكافِرَةِ؛ كَيْلا يَحْسَبَ أهْلُ مَكَّةَ عَدَمَ شُمُولِهِمْ.والكِتابُ: مُسْتَعارٌ لِعِلْمِ اللَّهِ وسابِقِ تَقْدِيرِهِ، فَتَعْرِيفُهُ لِلْعَهْدِ، أوْ أُرِيدَ بِهِ الكُتُبُ المُنَزَّلَةُ عَلى الأنْبِياءِ، فَتَعْرِيفُهُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ القُرْآنَ وغَيْرَهُ.
والمَسْطُورُ: المَكْتُوبُ، يُقالُ: سَطَّرَ الكِتابَ إذا كَتَبَهُ سُطُورًا، قالَ تَعالى ﴿والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ﴾ [القلم: ١] .