Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وقُلْ جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ إنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقًا﴾ أعْقَبَ تَلْقِينَهُ الدُّعاءَ بِسَدادِ أعْمالِهِ، وتَأْيِيدِهِ فِيها بِأنْ لَقَّنَهُ هَذا الإعْلانَ المُنْبِئَ بِحُصُولِ إجابَةِ الدَّعْوَةِ المُلْهَمَةِ، بِإبْرازِ وعْدِهِ بِظُهُورِ أمْرِهِ في صُورَةِ الخَبَرِ عَنْ شَيْءٍ مَضى.
ولَمّا كانَتْ دَعْوَةُ الرَّسُولِ هي لِإقامَةِ الحَقِّ وإبْطالِ الباطِلِ كانَ الوَعْدُ بِظُهُورِ الحَقِّ وعْدًا بِظُهُورِ أمْرِ الرَّسُولِ، وفَوْزِهِ عَلى أعْدائِهِ، واسْتَحْفَظَهُ اللَّهُ هَذِهِ الكَلِمَةَ الجَلِيلَةَ إلى أنْ ألْقاها يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلى مَسامِعِ مَن كانُوا أعْداءَهُ
صفحة ١٨٨
فَإنَّهُ لَمّا دَخَلَ الكَعْبَةَ ووَجَدَ فِيها وحَوْلَها الأصْنامَ جَعَلَ يُشِيرُ إلَيْها بِقَضِيبٍ ويَقُولُ ﴿جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ إنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقًا﴾ فَتَسْقُطُ تِلْكَ الأنْصابُ عَلى وُجُوهِها.ومَجِيءُ الحَقِّ مُسْتَعْمَلٌ في إدْراكِ النّاسِ إيّاهُ، وعَمَلِهِمْ بِهِ وانْتِصارِ القائِمِ بِهِ عَلى مُعاضِدِيهِ؛ تَشْبِيهًا لِلشَّيْءِ الظّاهِرِ بِالشَّيْءِ الَّذِي كانَ غايِبا فَوَرَدَ جائِيًا.
و(زَهَقَ) اضْمَحَلَّ بَعْدَ وُجُودٍ، ومَصْدَرُهُ الزُّهُوقُ والزَّهَقُ، وزُهُوقُ الباطِلِ مَجازٌ في تَرْكِهِ أصْحابَهُ، فَكَأنَّهُ كانَ مُقِيمًا بَيْنَهم فَفارَقَهم، والمَعْنى: اسْتَقَرَّ وشاعَ الحَقُّ الَّذِي يَدْعُو إلَيْهِ النَّبِيءُ، وانْقَضى الباطِلُ الَّذِي كانَ النَّبِيءُ ﷺ يَنْهى عَنْهُ.
وجُمْلَةُ ﴿إنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقًا﴾ تَذْيِيلٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لِما فِيهِ مِن عُمُومٍ يَشْمَلُ كُلَّ باطِلٍ في كُلِّ زَمانٍ، وإذا كانَ هَذا شَأْنَ الباطِلِ كانَ الثَّباتُ والِانْتِصارُ شَأْنَ الحَقِّ؛ لِأنَّهُ ضِدُّ الباطِلِ فَإذا انْتَفى الباطِلُ ثَبَتَ الحَقُّ.
وبِهَذا كانَتِ الجُمْلَةُ تَذْيِيلًا لِجَمِيعِ ما تَضَمَّنَتْهُ الجُمْلَةُ الَّتِي قَبْلَها، والمَعْنى: ظَهَرَ الحَقُّ في هَذِهِ الأُمَّةِ وانْقَضى الباطِلُ فِيها، وذَلِكَ شَأْنُ الباطِلِ فِيما مَضى مِنَ الشَّرائِعِ أنَّهُ لا ثَباتَ لَهُ.
ودَلَّ فِعْلُ كانَ عَلى أنَّ الزُّهُوقَ شِنْشِنَةُ الباطِلِ، وشَأْنُهُ في كُلِّ زَمانٍ أنَّهُ يَظْهَرُ ثُمَّ يَضْمَحِلُّ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿أكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا﴾ [يونس: ٢] في صَدْرِ سُورَةِ يُونُسَ.