﴿واذْكُرْ في الكِتابِ إسْماعِيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ وكانَ رَسُولًا نَبِيئًا﴾ ﴿وكانَ يَأْمُرُ أهْلَهَ بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ وكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ .

خَصَّ إسْماعِيلَ بِالذِّكْرِ هُنا تَنْبِيهًا عَلى جَدارَتِهِ بِالِاسْتِقْلالِ بِالذِّكْرِ عَقِبَ ذِكْرِ إبْراهِيمَ وابْنِهِ إسْحاقَ، لِأنَّ إسْماعِيلَ هو الِابْنُ البِكْرُ لِإبْراهِيمَ وشَرِيكُهُ في بِناءِ الكَعْبَةِ. وتَقَدَّمَ ذِكْرُ إسْماعِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى (﴿وإذْ يَرْفَعُ إبْراهِيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيْتِ وإسْماعِيلُ﴾ [البقرة: ١٢٧]) في سُورَةِ البَقَرَةِ.

وخَصَّهُ بِوَصْفِ صِدْقِ الوَعْدِ لِأنَّهُ اشْتَهَرَ بِهِ وتَرَكَهُ خُلُقًا في ذُرِّيَتِهِ.

وأعْظَمُ وعْدٍ صَدَقَهُ وعْدُهُ إيّاهُ إبْراهِيمَ بِأنْ يَجِدَهُ صابِرًا عَلىِ الذَّبْحِ فَقالَ (﴿سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢]) .

وجَعَلَهُ اللَّهُ نَبِيئًا ورَسُولًا إلى قَوْمِهِ. وهم يَوْمَئِذٍ لا يَعُدُّونَ أهْلَهُ أُمَّهُ وبَنِيهِ وأصْهارَهُ مِن جُرْهُمَ. فَلِذَلِكَ قالَ اللَّهُ تَعالى

صفحة ١٣٠

(﴿وكانَ يَأْمُرُ أهْلَهُ بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ﴾) ثُمَّ إنَّ أُمَّةَ العَرَبِ نَشَأتْ مِن ذُرِّيَتِهِ فَهم أهْلُهُ أيْضًا، وقَدْ كانَ مِن شَرِيعَتِهِ الصَّلاةُ والزَّكاةُ وشُئُونُ الحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ أبِيهِ إبْراهِيمَ.

ورِضى اللَّهُ عَنْهُ: إنْعامُهُ عَلَيْهِ نِعَمًا كَثِيرَةً، إذْ بارَكَهُ وأنْمى نَسْلَهُ وجَعَلَ أشْرَفَ الأنْبِياءِ مِن ذُرِّيَتِهِ، وجَعَلَ الشَّرِيعَةَ العُظْمى عَلى لِسانِ رَسُولٍ مِن ذُرِّيَتِهِ.

وتَقَدَّمَ اخْتِلافُ القُرّاءِ في قِراءَةِ (نَبِيئًا) بِالهَمْزِ أوْ بِالياءِ المُشَدَّدَةِ.

وتَقَدَمَ تَوْجِيهُ الجَمْعِ بَيْنَ وصْفِ رَسُولٍ ونَبِيءٍ عِنْدَ ذِكْرِ مُوسى [ آنِفًا.