Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الوَعْدَ فَأنْجَيْناهم ومَن نَشاءُ وأهْلَكْنا المُسْرِفِينَ﴾
”ثُمَّ“ عاطِفَةُ الجُمْلَةِ عَلى الجُمَلِ السّابِقَةِ، فَهي لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ. والمَعْنى: وأهَمُّ مِمّا ذُكِرَ أنّا صَدَقْناهُمُ الوَعْدَ فَأنْجَيْناهم وأهْلَكْنا الَّذِينَ كَذَّبُوهم. ومَضْمُونُ هَذا أهَمُّ في الغَرَضَيْنِ: التَّبْشِيرِ والإنْذارِ. فالتَّبْشِيرُ لِلرَّسُولِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ بِأنَّ اللَّهَ صادِقُهُ وعْدَهُ مِنَ النَّصْرِ، والإنْذارُ لِمَن ماثَلَ أقْوامَ الرُّسُلِ الأوَّلِينَ.
والمُرادُ بِالوَعْدِ وعْدُهُمُ النَّصْرَ عَلى المُكَذِّبِينَ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَعالى: ”فَأنْجَيْناهم“ المُؤْذِنِ بِأنَّهُ وعْدُ عَذابٍ لِأقْوامِهِمْ، فالكَلامُ مَسُوقٌ مَساقَ التَّنْوِيهِ بِالرُّسُلِ الأوَّلِينَ، وهو تَعْرِيضٌ بِوَعِيدِ الَّذِينَ قالُوا: ﴿فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الأوَّلُونَ﴾ [الأنبياء: ٥] . وفي هَذا تَقْرِيعٌ لِلْمُشْرِكِينَ، أيْ إنْ كانَ أعْجَبَكم ما أتى بِهِ الأوَّلُونَ فَسَألْتُمْ مِن رَسُولِكم مِثْلَهُ، فَإنَّ حالَكم كَحالِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إلَيْهِمْ، فَتَرَقَّبُوا مِثْلَ ما نَزَلَ بِهِمْ ويَتَرَقَّبُ رَسُولُكم مِثْلَ ما لَقِيَ سَلَفُهُ، وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ فانْتَظِرُوا إنِّي مَعَكم مِنَ المُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: ١٠٢] في سُورَةِ يُونُسَ.
وانْتُصِبَ الوَعْدُ بِـ ”صَدَقْناهم“ عَلى التَّوَسُّعِ بِنَزْعِ حَرْفِ الجَرِّ. وأصْلُ الِاسْتِعْمالِ أنْ يُقالَ: صَدَقْناهم في الوَعْدِ؛ لِأنَّ ”صَدَقَ“ لا يَتَعَدّى
صفحة ٢١
إلّا إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ. وهَذا الحَذْفُ شائِعٌ في الكَلامِ، ومِنهُ في مِثْلِ هَذا ما في المَثَلِ: صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ.والإتْيانُ بِصِيغَةِ المُسْتَقْبَلِ في قَوْلِهِ تَعالى: ”مَن نَشاءُ“ احْتِباكٌ، والتَّقْدِيرُ: فَأنْجَيْناهم ومَن شِئْنا ونُنْجِي رَسُولَنا ومَن نَشاءُ مِنكم، وهو تَأْمِيلٌ لَهم أنْ يُؤْمِنُوا؛ لِأنَّ مِنَ المُكَذِّبِينَ يَوْمَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ مَن آمَنُوا فِيما بَعْدُ إلى يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ، وهَذا مِن لُطْفِ اللَّهِ بِعِبادِهِ في تَرْغِيبِهِمْ في الإيمانِ؛ ولِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: ونُهْلِكُ المُسْرِفِينَ، بَلْ عادَ إلى صِيغَةِ المُضِيِّ الَّذِي هو حِكايَةٌ لِما حَلَّ بِالأُمَمِ السّالِفَةِ، وبَقِيَ المَقْصُودُ مِن ذِكْرِ الَّذِينَ أُهْلِكُوا وهو التَّعْرِيضُ بِالتَّهْدِيدِ والتَّحْذِيرِ أنْ يُصِيبَهم مِثْلُ ما أصابَ أُولَئِكَ مَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالوَعِيدِ.
والمُسْرِفُونَ: المُفْرِطُونَ في التَّكْذِيبِ بِالإصْرارِ والِاسْتِمْرارِ عَلَيْهِ حَتّى حَلَّ بِهِمُ العَذابُ.