Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿إنَّهم كانُوا يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ ويَدْعُونَنا رَغَبًا ورَهَبًا وكانُوا لَنا خاشِعِينَ﴾
جُمْلَةٌ واقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِلْجُمَلِ المُتَقَدِّمَةِ في الثَّناءِ عَلى الأنْبِياءِ المَذْكُورِينَ، وما أُوتُوهُ مِنَ النَّصْرِ، واسْتِجابَةِ الدَّعَواتِ، والإنْجاءِ مِن كَيْدِ الأعْداءِ، وما تَبِعَ ذَلِكَ، ابْتِداءً مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى وهارُونَ الفُرْقانَ وضِياءً﴾ [الأنبياء: ٤٨] . فَضَمائِرُ الجَمْعِ عائِدَةٌ إلى المَذْكُورِينَ. وحَرْفُ التَّأْكِيدِ مُفِيدٌ مَعْنى التَّعْلِيلِ والتَّسَبُّبِ، أيْ ما اسْتَحَقُّوا ما أُوتُوهُ إلّا لِمُبادَرَتِهِمْ إلى مَسالِكِ الخَيْرِ وجِدِّهِمْ في تَحْصِيلِها. وأفادَ فِعْلُ الكَوْنِ أنَّ ذَلِكَ كانَ دَأْبَهم وهَجِيراهم.
والمُسارَعَةُ: مُسْتَعارَةٌ لِلْحِرْصِ وصَرْفِ الهِمَّةِ والجِدِّ لِلْخَيْراتِ، أيْ لِفِعْلِها، تَشْبِيهًا لِلْمُداوَمَةِ والِاهْتِمامِ بِمُسارَعَةِ السّائِرِ إلى المَكانِ المَقْصُودِ الجادِّ في مَسالِكِهِ.
والخَيْراتُ: جَمْعُ خَيْرٍ بِفَتْحِ الخاءِ وسُكُونِ الياءِ وهو جَمْعٌ بِالألِفِ والتّاءِ عَلى خِلافِ القِياسِ فَهو مِثْلُ سُرادِقاتٍ وحَمّاماتٍ واصْطَبْلاتٍ. والخَيْرُ ضِدُّ الشَّرِّ، فَهو ما فِيهِ نَفْعٌ. وأمّا قَوْلُهُ تَعالى ﴿فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ [الرحمن: ٧٠]
صفحة ١٣٧
فَيُحْتَمَلُ أنَّهُ مِثْلُ هَذا، ويُحْتَمَلُ أنَّهُ جَمْعُ خَيْرَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الَّذِي هو مُخَفَّفُ خَيِّرَةٍ المُشَدِّدِ الياءِ، وهي المَرْأةُ ذاتُ الأخْلاقِ الخَيْرِيَّةِ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى (الخَيْراتِ) في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْراتُ﴾ [التوبة: ٨٨] في سُورَةِ ”بَراءَةٌ“، وعَطَفَ عَلى ذَلِكَ أنَّهم يَدْعُونَ اللَّهَ رَغْبَةً في ثَوابِهِ ورَهْبَةً مِن غَضَبِهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿يَحْذَرُ الآخِرَةَ ويَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٩] . والرَّغَبُ والرَّهَبُ بِفَتْحِ ثانِيهِما مَصْدَرانِ مِن رَغِبَ ورَهِبَ. وهُما وصْفٌ لِمَصْدَرِ يَدْعُونَنا لِبَيانِ نَوْعِ الدُّعاءِ بِما هو أعَمُّ في جِنْسِهِ، أوْ يُقَدَّرُ مُضافٌ، أيْ ذَوِي رَغَبٍ ورَهَبٍ، فَأُقِيمَ المُضافُ إلَيْهِ مَقامَهُ فَأخَذَ إعْرابَهُ. وذُكِرَ فِعْلُ الكَوْنِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وكانُوا لَنا خاشِعِينَ﴾ مِثْلَ ذِكْرِهِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿كانُوا يُسارِعُونَ﴾ .والخُشُوعُ: خَوْفُ القَلْبِ بِالتَّفَكُّرِ دُونَ اضْطِرابِ الأعْضاءِ الظّاهِرَةِ.