Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿فَإنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكم عَلى سَواءٍ وإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ﴾
أيْ فَإنْ أعْرَضُوا بَعْدَ هَذا التَّبْيِينِ المُفَصَّلِ والجامِعِ فَأبْلِغْهُمُ الإنْذارَ بِحُلُولِ ما تَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ.
والإيذانُ: الإعْلامُ، وهو بِوَزْنِ أفْعَلَ مِن أذِنَ لِكَذا بِمَعْنى سَمِعَ. واشْتِقاقُهُ مِنِ اسْمِ الأُذُنِ، وهي جارِحَةُ السَّمْعِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ بِمَعْنى العِلْمِ بِالسَّمْعِ ثُمَّ شاعَ اسْتِعْمالُهُ في العِلْمِ مُطْلَقًا. وأمّا (آذَنَ) فَهو فِعْلٌ مُتَعَدٍّ بِالهَمْزَةِ وكَثُرَ اسْتِعْمالُ الصِّيغَتَيْنِ في مَعْنى الإنْذارِ وهو الإعْلامُ المَشُوبُ بِتَحْذِيرٍ. فَمِنِ اسْتِعْمالِ أذِنَ قَوْلُهُ
صفحة ١٧٣
تَعالى ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ [البقرة: ٢٧٩] . ومِنِ اسْتِعْمالِ (آذَنَ) قَوْلُ الحارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ:آذَنَتْنا بِبَيْنِها أسْماءُ
وحُذِفَ مَفْعُولُ (آذَنْتُكم) الثّانِي لِدَلالَةِ قَوْلِهِ تَعالى (ما تُوعَدُونَ) عَلَيْهِ، أوْ يُقَدَّرُ: آذَنْتُكم ما يُوحى إلَيَّ لِدَلالَةِ ما تَقَدَّمَ عَلَيْهِ. والأظْهَرُ تَقْدِيرُ ما يَشْمَلُ المَعْنَيَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿فَإنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أبْلَغْتُكم ما أُرْسِلْتُ بِهِ إلَيْكُمْ﴾ [هود: ٥٧] . وقَوْلُهُ تَعالى (عَلى سَواءٍ) (عَلى) فِيهِ لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ، وهو قُوَّةُ المُلابَسَةِ وتَمَكُّنُ الوَصْفِ مِن مَوْصُوفِهِ. و(سَواءٍ) اسْمٌ مَعْناهُ مُسْتَوٍ. والِاسْتِواءُ: المُماثَلَةُ في شَيْءٍ ويُجْمَعُ عَلى أسَواءٍ. وأصْلُهُ مَصْدَرٌ ثُمَّ عُومِلَ مُعامَلَةَ الأسْماءِ فَجَمَعُوهُ لِذَلِكَ، وحَقُّهُ أنْ لا يُجْمَعَ فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ (عَلى سَواءٍ) ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا هو حالٌ مِن ضَمِيرِ الخِطابِ في قَوْلِهِ تَعالى (آذَنْتُكم) أيْ أنْذَرْتُكم مُسْتَوِينَ في إعْلامِكم بِهِ لا يَدَّعِي أحَدٌ مِنكم أنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الإنْذارُ. وهَذا إعْذارٌ لَهم وتَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ في خُطْبَتِهِ (ألا هَلْ بَلَّغْتُ) . ويَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ المَجْرُورُ بِفِعْلِ (آذَنْتُكم) قالَ أبُو مُسْلِمٍ: الإيذانُ عَلى السَّواءِ: الدُّعاءُ إلى الحَرْبِ مُجاهَرَةً لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿فانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨] اهـ.يُرِيدُ أنَّ هَذا مَثَلٌ بِحالِ النَّذِيرِ بِالحَرْبِ إذْ لَمْ يَكُنْ في القُرْآنِ النّازِلِ بِمَكَّةَ دُعاءٌ إلى حَرْبٍ حَقِيقِيَّةٍ. وعَلى هَذا المَعْنى يَجُوزُ أنْ يَكُونَ (عَلى سَواءٍ) حالًا مِن ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ. وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ (آذَنْتُكم) لِدَلالَةِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ﴾ عَلَيْهِ، ولِأنَّ السِّياقَ يُؤْذِنُ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ (﴿حَتّى إذا فُتِحَتْ ياجُوجُ وماجُوجُ﴾ [الأنبياء: ٩٦]) الآيَةَ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨] في سُورَةِ الأنْفالِ.
صفحة ١٧٤
وقَوْلُهُ ﴿وإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ﴾ يَشْمَلُ كُلَّ ما يُوعَدُونَهُ مِن عِقابٍ في الدُّنْيا والآخِرَةِ إنْ عاشُوا أوْ ماتُوا. و(إنْ) نافِيَةٌ وعُلِّقَ فِعْلُ (أدْرِي) عَنِ العَمَلِ بِسَبَبِ حَرْفِ الِاسْتِفْهامِ وحُذِفَ العائِدُ. وتَقْدِيرُهُ: ما تُوعَدُونَ بِهِ.