صفحة ٢١٧

﴿إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ﴾

هَذا مُقابِلُ قَوْلِهِ ﴿ونُذِيقُهُ يَوْمَ القِيامَةِ عَذابَ الحَرِيقِ﴾ [الحج: ٩] وقَوْلِهِ ﴿خَسِرَ الدُّنْيا والآخِرَةَ﴾ [الحج: ١١] . فالجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ. وقَدِ اقْتُصَرَ عَلى ذِكْرِ ما لِلْمُؤْمِنِينَ مِن ثَوابِ الآخِرَةِ دُونَ ذِكْرِ حالِهِمْ في الدُّنْيا لِعَدَمِ أهَمِّيَّةِ ذَلِكَ لَدَيْهِمْ ولا في نَظَرِ الدِّينِ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ﴾ تَذْيِيلٌ لِلْكَلامِ المُتَقَدِّمِ مِن قَوْلِهِ ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ في اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الحج: ٣] إلى هُنا، وهو اعْتِراضٌ بَيْنَ الجُمَلِ المُلْتَئِمِ مِنها الغَرَضُ. وفِيها مَعْنى التَّعْلِيلِ الإجْمالِيِّ لِاخْتِلافِ أحْوالِ النّاسِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ. وفِعْلُ اللَّهِ ما يُرِيدُ هو إيجادُ أسْبابِ أفْعالِ العِبادِ في سُنَّةِ نِظامِ هَذا العالَمِ. وتَبْيِينِهِ الخَيْرَ والشَّرَّ. وتَرْتِيبِهِ الثَّوابَ والعِقابَ. وذَلِكَ لا يُحِيطُ بِتَفاصِيلِهِ إلّا اللَّهُ تَعالى.