صفحة ٢٣١

﴿إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ ولُؤْلُؤًا ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ﴾ ﴿وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ وهُدُوا إلى صِراطِ الحَمِيدِ﴾

كانَ مُقْتَضى الظّاهِرِ أنْ يَكُونَ هَذا الكَلامُ مَعْطُوفًا بِالواوِ عَلى جُمْلَةِ ﴿فالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهم ثِيابٌ مِن نارٍ﴾ [الحج: ١٩]، لِأنَّهُ قَسِيمُ تِلْكَ الجُمْلَةِ في تَفْصِيلِ الإجْمالِ الَّذِي في قَوْلِهِ ﴿هَذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ﴾ [الحج: ١٩] بِأنْ يُقالَ: والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ جَنّاتٍ إلى آخِرِهِ. فَعُدِلَ عَنْ ذَلِكَ الأُسْلُوبِ إلى هَذا النَّظْمِ لِاسْتِرْعاءِ الأسْماعِ إلى هَذا الكَلامِ إذْ جاءَ مُبْتَدَأً بِهِ مُسْتَقِلًّا مُفْتَتَحًا بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ ومُتَوَّجًا بِاسْمِ الجَلالَةِ، والبَلِيغُ لا تَفُوتُهُ مَعْرِفَةُ أنَّ هَذا الكَلامَ قَسِيمٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ في تَفْصِيلِ إجْمالِ ﴿هَذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ﴾ [الحج: ١٩] لِوَصْفِ حالِ المُؤْمِنِينَ المُقابِلِ لِحالِ الَّذِينَ كَفَرُوا في المَكانِ واللِّباسِ وخِطابِ الكَرامَةِ. فَقَوْلُهُ (يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا) إلَخْ مُقابِلٌ قَوْلَهُ ﴿كُلَّما أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنها مِن غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾ [الحج: ٢٢] . وقَوْلُهُ ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ﴾ يُقابِلُ قَوْلَهُ ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ﴾ [الحج: ١٩] . وقَوْلُهُ ﴿ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ﴾ مُقابِلٌ قَوْلَهُ ﴿قُطِّعَتْ لَهم ثِيابٌ مِن نارٍ﴾ [الحج: ١٩] . وقَوْلُهُ ﴿وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ﴾ مُقابِلٌ قَوْلَهُ ﴿وذُوقُوا عَذابَ الحَرِيقِ﴾ [الحج: ٢٢] فَإنَّهُ مِنَ القَوْلِ النَّكِدِ.

والتَّحْلِيَةُ: وضْعُ الحَلْيِ عَلى أعْضاءِ الجِسْمِ. حَلّاهُ: ألْبَسَهُ الحَلْيَ مِثْلُ جَلْبَبَ.

والأساوِرُ: جَمْعُ أسْوِرَةٍ الَّذِي هو جَمْعُ سِوارٍ. أُشِيرَ بِجَمْعِ الجَمْعِ إلى التَّكْثِيرِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ ويَلْبَسُونَ ثِيابًا خُضْرًا﴾ [الكهف: ٣١] في سُورَةِ الكَهْفِ.

صفحة ٢٣٢

و(مِن) في قَوْلِهِ (مِن أساوِرَ) زائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. ووَجْهُهُ أنَّهُ لَمّا لَمْ يُعْهَدْ تَحْلِيَةُ الرِّجالِ بِالأساوِرِ كانَ الخَبَرُ عَنْهم بِأنَّهم يُحَلَّوْنَ أساوِرَ مُعَرِّضًا لِلتَّرَدُّدِ في إرادَةِ الحَقِيقَةِ فَجِيءَ بِالمُؤَكِّدِ لِإفادَةِ المَعْنى الحَقِيقِيِّ. ولِذَلِكَ فَـ (أساوِرَ) في مَوْضِعِ المَفْعُولِ الثّانِي لِـ (يُحَلَّوْنَ) .

(ولُؤْلُؤًا) قَرَأهُ نافِعٌ، ويَعْقُوبُ، وعاصِمٌ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى مَحَلِّ (أساوِرَ) أيْ يُحَلَّوْنَ لُؤْلُؤًا أيْ عُقُودًا ونَحْوَها. وقَرَأهُ الباقُونَ بِالجَرِّ عَطْفًا عَلى اللَّفْظِ. والمَعْنى: أساوِرَ مِن ذَهَبٍ وأساوِرَ مِن لُؤْلُؤٍ، وهي مَكْتُوبَةٌ في المُصْحَفِ بِألِفٍ بَعْدِ الواوِ الثّانِيَةِ في هَذِهِ السُّورَةِ، فَكانَتْ قِراءَةُ جَرِّ (لُؤْلُؤًا) مُخالِفَةً لِمَكْتُوبِ المُصْحَفِ. والقِراءَةُ نَقْلٌ ورِوايَةٌ، فَلَيْسَ اتِّباعُ الخَطِّ واجِبًا عَلى مَن يَرْوِي بِما يُخالِفُهُ. وكُتِبَ نَظِيرُهُ في سُورَةِ فاطِرٍ بِدُونِ ألِفٍ. والَّذِينَ قَرَءُوهُ بِالنَّصْبِ خالَفُوا أيْضًا خَطَّ المُصْحَفِ واعْتَمَدُوا رِوايَتَهم. وسَرَيانُ مَعْنى التَّأْكِيدِ عَلى القِراءَتَيْنِ واحِدٌ لِأنَّ التَّأْكِيدَ تَعَلَّقَ بِالجُمْلَةِ كُلِّها لا بِخُصُوصِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ حَتّى يَحْتاجَ إلى إعادَةِ المُؤَكِّدِ مَعَ المَعْطُوفِ.

واللُّؤْلُؤُ: الدُّرُّ. ويُقالُ لَهُ الجُمانُ والجَوْهَرُ. وهو حُبُوبٌ بَيْضاءُ وصَفْراءُ ذاتُ بَرِيقٍ رَقْراقٍ تُسْتَخْرَجُ مِن أجْوافِ حَيَوانٍ مائِيٍّ حَلَزُونِيٍّ مُسْتَقِرٍّ في غِلافٍ ذِي دَفَّتَيْنِ مُغْلَقَتَيْنِ عَلَيْهِ يَفْتَحُهُما بِحَرَكَةٍ حَيَوِيَّةٍ مِنهُ لِامْتِصاصِ الماءِ الَّذِي يَسْبَحُ فِيهِ ويُسَمّى غِلافُهُ صَدَفًا، فَتُوجَدُ في جَوْفِ الحَيَوانِ حَبَّةٌ ذاتُ بَرِيقٍ وهي تَتَفاوَتُ بِالكِبَرِ والصِّغَرِ وبِصَفاءِ اللَّوْنِ وبَياضِهِ. وهَذا الحَيَوانُ يُوجَدُ في عِدَّةِ بِحارٍ: كَبَحْرِ العَجَمِ وهو المُسَمّى بِالبَحْرَيْنِ، وبَحْرِ الجابُونِ، وشَطِّ جَزِيرَةِ جَرْبَةَ مِنَ البِلادِ التُّونِسِيَّةِ، وأجْوَدُهُ وأحْسَنُهُ الَّذِي يُوجَدُ مِنهُ في البَحْرَيْنِ حَيْثُ مَصَبُّ نَهْرَيِ الدِّجْلَةِ والفُراتِ، ويَسْتَخْرِجُهُ غَوّاصُونَ مُدَرَّبُونَ عَلى التِقاطِهِ

صفحة ٢٣٣

مِن قَعْرِ البَحْرِ بِالغَوْصِ، يَغُوصُ الغائِصُ مَشْدُودًا بِحَبْلٍ بِيَدِ مَن يُمْسِكُهُ عَلى السَّفِينَةِ ويَنْتَشِلُهُ بَعْدَ لَحْظَةٍ تَكْفِيهِ لِلِالتِقاطِ. وقَدْ جاءَ وصْفُ ذَلِكَ في قَوْلِ المُسَيَّبِ بْنِ عَلَسٍ أوِ الأعْشى:

لَجُمانَةُ البَحْرِيِّ جاءَ بِها غَوّاصُها مِن لُجَّةِ البَحْرِ

نَصَفَ النَّهارَ الماءُ غامِرُهُ ∗∗∗ ورَفِيقُهُ بِالغَيْبِ لا يَدْرِي

وقالَ أبُو ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيُّ يَصِفُ لُؤْلُؤَةً:

فَجاءَ بِها ما شِئْتَ مِن لَطَمِيَّةٍ ∗∗∗ عَلى وجْهِها ماءُ الفُراتِ يَمُوجُ

وقَدْ أشارَتْ إلَيْهِ آيَةُ سُورَةِ النَّحْلِ ﴿وهُوَ الَّذِي سَخَّرَ البَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنهُ لَحْمًا طَرِيًّا وتَسْتَخْرِجُوا مِنهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها﴾ [النحل: ١٤] .

ولَمّا كانَتِ التَّحْلِيَةُ غَيْرَ اللِّباسِ جِيءَ بِاسْمِ اللِّباسِ بَعْدَ (يُحَلَّوْنَ) بِصِيغَةِ الِاسْمِ دُونَ (يَلْبَسُونَ) لِتَحْصُلَ الدَّلالَةُ عَلى الثَّباتِ والِاسْتِمْرارِ كَما دَلَّتْ صِيغَةُ (يُحَلَّوْنَ) عَلى أنَّ التَّحْلِيَةَ مُتَجَدِّدَةٌ بِأصْنافٍ وألْوانٍ مُخْتَلِفَةٍ، ومِن عُمُومِ الصِّيغَتَيْنِ يُفْهَمُ تَحَقُّقُ مِثْلِها في الجانِبِ الآخَرِ فَيَكُونُ في الكَلامِ احْتِباكٌ؛ كَأنَّهُ قِيلَ: يُحَلَّوْنَ بِها وحِلْيَتُهم مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ يَلْبَسُونَهُ.

والحَرِيرُ: يُطْلَقُ عَلى ما نُسِجَ مِن خُيُوطِ الحَرِيرِ كَما هُنا. وأصْلُ اسْمِ الحَرِيرِ اسْمُ الخُيُوطِ تُفْرِزُها مِن لُعابِها دُودَةٌ مَخْصُوصَةٌ تَلُفُّها لَفًّا بَعْضَها إلى بَعْضٍ مِثْلَ كُبَّةٍ تَلْتَئِمُ مَشْدُودَةً كَصُورَةِ الفُولِ السُّودانِيِّ تُحِيطُ بِالدُّودَةِ كَمِثْلِ الجَوْزَةِ وتَمْكُثُ فِيهِ الدُّودَةُ مُدَّةً إلى أنْ تَتَحَوَّلَ الدُّودَةُ إلى فَراشَةٍ ذاتِ جَناحَيْنِ فَتَثْقُبُ ذَلِكَ البَيْتَ وتَخْرُجُ مِنهُ. وإنَّما تَحْصُلُ الخُيُوطُ مِن ذَلِكَ البَيْتِ بِوَضْعِها في ماءٍ حارٍّ في دَرَجَةِ الغَلَيانِ حَتّى يَزُولَ تَماسُكُها بِسَبَبِ انْحِلالِ المادَّةِ الصَّمْغِيَّةِ اللُّعابِيَّةِ الَّتِي تَشُدُّها فَيُطْلِقُونَها خَيْطًا واحِدًا طَوِيلًا. ومِن تِلْكَ الخُيُوطِ تُنْسَجُ ثِيابٌ

صفحة ٢٣٤

تَكُونُ بالِغَةً في اللِّينِ واللَّمَعانِ. وثِيابُ الحَرِيرِ أجْوَدُ الثِّيابِ في الدُّنْيا قَدِيمًا وحَدِيثًا. وأقْدَمُ ظُهُورِها في بِلادِ الصِّينِ مُنْذُ خَمْسَةِ آلافِ سَنَةٍ تَقْرِيبًا حَيْثُ يَكْثُرُ شَجَرُ التُّوتِ. لِأنَّ دُودَ الحَرِيرِ لا يُفْرِزُ الحَرِيرَ إلّا إذا كانَ عَلَفُهُ ورَقَ التُّوتِ، والأكْثَرُ أنَّهُ يَبْنِي بُيُوتَهُ في أغْصانِ التُّوتِ. وكانَ غَيْرُ أهْلِ الصِّينِ لا يَعْرِفُونَ تَرْبِيَةَ دُودِ الحَرِيرِ فَلا يُحَصِّلُونَ الحَرِيرَ إلّا مِن طَرِيقِ بِلادِ الفُرْسِ يَجْلِبُهُ التُّجّارُ فَلِذَلِكَ يُباعُ بِأثْمانٍ غالِيَةٍ. وكانَتِ الأثْوابُ الحَرِيرِيَّةُ تُباعُ بِوَزْنِها مِنَ الذَّهَبِ. ثُمَّ نُقِلَ بِزْرُ دُودِ الحَرِيرِ الَّذِي يُوَلَّدُ مِنهُ الدُّودُ إلى القُسْطَنْطِينِيَّةِ في زَمَنِ الإمْبِراطُورِ ”بُوسْتِنْيانُوسَ“ بَيْنَ سَنَةِ ٥٢٧ وسَنَةِ ٥٦٥ م. ومِن أصْنافِ ثِيابِ الحَرِيرِ السُّنْدُسُ والإسْتَبْرَقُ وقَدْ تَقَدَّما في سُورَةِ الكَهْفِ. وعُرِفَتِ الأثْوابُ الحَرِيرِيَّةُ في الرُّومانِ في حُدُودِ أوائِلِ القَرْنِ الثّالِثِ المَسِيحِيِّ. ومَعْنى ﴿وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ﴾ أنَّ اللَّهَ يُرْشِدُهم إلى أقْوالٍ، أيْ يُلْهِمُهم أقْوالًا حَسَنَةً يَقُولُونَها بَيْنَهم. وقَدْ ذُكِرَ بَعْضُها في قَوْلِهِ تَعالى ﴿دَعْواهم فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وتَحِيَّتُهم فِيها سَلامٌ وآخِرُ دَعْواهم أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠] وفي قَوْلِهِ ﴿وقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ وأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ﴾ [الزمر: ٧٤] . ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: أنَّهم يُرْشَدُونَ إلى أماكِنَ يَسْمَعُونَ فِيها أقْوالًا طَيِّبَةً. وهو مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكم بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ﴾ [الرعد: ٢٣] . وهَذا أشَدُّ مُناسَبَةً بِمُقابَلَةِ ما يَسْمَعُهُ أهْلُ النّارِ في قَوْلِهِ ﴿وذُوقُوا عَذابَ الحَرِيقِ﴾ [الحج: ٢٢] . وجُمْلَةُ ﴿وهُدُوا إلى صِراطِ الحَمِيدِ﴾ مُعْتَرِضَةٌ في آخِرِ الكَلامِ، والواوُ لِلِاعْتِراضِ، هي كالتَّكْمِلَةِ لِوَصْفِ حُسْنِ حالِهِمْ لِمُناسَبَةِ

صفحة ٢٣٥

ذِكْرِ الهِدايَةِ في قَوْلِهِ ﴿وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ﴾، ولَمْ يَسْبِقْ مُقابِلٌ لِمَضْمُونِ هَذِهِ الجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأحْوالِ الكافِرِينَ. وسَيَجِيءُ ذِكْرُ مُقابِلِها في قَوْلِهِ ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٢٥] إلى قَوْلِهِ ﴿نُذِقْهُ مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] وذَلِكَ مِن أفانِينِ المُقابَلَةِ. والمَعْنى: وقَدْ هُدُوا إلى صِراطِ الحَمِيدِ في الدُّنْيا، وهو دِينُ الإسْلامِ، شُبِّهَ بِالصِّراطِ لِأنَّهُ مُوَصِّلٌ إلى رِضى اللَّهِ.

والحَمِيدُ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى، أيِ المَحْمُودُ كَثِيرًا فَهو فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، فَإضافَةُ (صِراطٍ) إلى اسْمِ (اللَّهِ) لِتَعْرِيفِ أيِّ صِراطٍ هو. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (الحَمِيدِ) صِفَةً لِـ (صِراطٍ)، أيِ المَحْمُودُ لِسالِكِهِ. فَإضافَةُ ”صِراطٍ“ إلَيْهِ مِن إضافَةِ المَوْصُوفِ إلى الصِّفَةِ. والصِّراطُ المَحْمُودُ هو صِراطُ دِينِ اللَّهِ. وفي هَذِهِ الجُمْلَةِ إيماءٌ إلى سَبَبِ اسْتِحْقاقِ تِلْكَ النِّعَمِ أنَّهُ الهِدايَةُ السّابِقَةُ إلى دِينِ اللَّهِ في الحَياةِ الدُّنْيا.