Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إنَّ اللَّهَ لِقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
تَذْيِيلٌ لِلْمَثَلِ بِأنَّ عِبادَتَهُمُ الأصْنامَ مَعَ اللَّهِ اسْتِخْفافٌ بِحَقِّ إلَهِيَّتِهِ تَعالى إذْ أشْرَكُوا مَعَهُ في أعْظَمِ الأوْصافِ أحْقَرَ المَوْصُوفِينَ، وإذِ اسْتَكْبَرُوا عِنْدَ تِلاوَةِ آياتِهِ تَعالى عَلَيْهِمْ، وإذْ هَمُّوا بِالبَطْشِ بِرَسُولِهِ.
والقَدْرُ: العَظَمَةُ: وفِعْلُ قَدَرَ يُفِيدُ أنَّهُ عامِلٌ بِقَدْرِهِ. فالمَعْنى: ما عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ إذْ أشْرَكُوا مَعَهُ الضُّعَفاءَ العُجَّزَ وهو الغالِبُ القَوِيُّ. وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ في قَوْلِهِ ﴿وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذْ قالُوا ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] في سُورَةِ الأنْعامِ.
وجُمْلَةُ ﴿إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ قَبْلَها، فَإنَّ ما أشْرَكُوهم مَعَ اللَّهِ في العِبادَةِ كُلُّ ضَعِيفٍ ذَلِيلٍ فَما قَدَرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ لِأنَّهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ فَكَيْفَ يُشارِكُهُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ. والعُدُولُ عَنْ أنْ يُقالَ: ما قَدَرْتُمُ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إلى أُسْلُوبِ الغَيْبَةِ، التِفاتٌ تَعْرِيضًا بِهِمْ بِأنَّهم
صفحة ٣٤٣
لَيْسُوا أهْلًا لِلْمُخاطَبَةِ وتَوْبِيخًا لَهم، وبِذَلِكَ يَنْدَمِجُ في قَوْلِهِ ﴿إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ تَهْدِيدٌ لَهم بِأنَّهُ يَنْتَقِمُ مِنهم عَلى وقاحَتِهِمْ.وتَوْكِيدُ الجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ ولامِ الِابْتِداءِ مَعَ أنَّ مَضْمُونَها مِمّا لا يُخْتَلَفُ فِيهِ لِتَنْزِيلِ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ مَنزِلَةَ الإنْكارِ لِأنَّهم لَمْ يَجْرُوا عَلى مُوجِبِ العِلْمِ حِينَ أشْرَكُوا مَعَ القَوِيِّ العَزِيزِ ضُعَفاءَ أذِلَّةً.
والقَوِيُّ: مِن أسْمائِهِ تَعالى. وهو مُسْتَعْمَلٌ في القُدْرَةِ عَلى كُلِّ مُرادٍ لَهُ.
والعَزِيزُ: مِن أسْمائِهِ، وهو بِمَعْنى: الغالِبِ لِكُلِّ مُعانِدٍ.