Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿بَلْ قُلُوبُهم في غَمْرَةٍ مِن هَذا ولَهم أعْمالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هم لَها عامِلُونَ﴾
إضْرابُ انْتِقالٍ إلى ما هو أغْرَبُ مِمّا سَبَقَ وهو وصْفُ غَمْرَةٍ أُخْرى انْغَمَسَ فِيها المُشْرِكُونَ فَهم في غَمْرَةٍ غَمَرَتْ قُلُوبَهم وأبْعَدَتْها عَنْ أنْ تَتَخَلَّقَ بِخُلُقِ الَّذِينَ هم مِن خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ كَيْفَ وأعْمالُهم إلى الضِّدِّ مِن أعْمالِ المُؤْمِنِينَ تُناسِبُ كُفْرَهم ؟ فَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ.
فَحَرْفُ (مِن) في قَوْلِهِ (مِن هَذا) يُوهِمُ البَدَلِيَّةَ، أيْ: في غَمْرَةِ تَباعُدِهِمْ عَنْ هَذا.
والإشارَةُ بِـ (هَذا) إلى ما ذُكِرَ آنِفًا مِن صِفاتِ المُؤْمِنِينَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ هم مِن خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٧] إلى قَوْلِهِ: ﴿وهم لَها سابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٦١] .
و(دُونَ) تَدُلُّ عَلى المُخالَفَةِ لِأحْوالِ المُؤْمِنِينَ، أيْ: لَيْسُوا أهْلًا لِلتَّحَلِّي بِمِثْلِ تِلْكَ المَكارِمِ.
وقَوْلُهُ: ﴿ولَهم أعْمالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هم لَها عامِلُونَ﴾ يُبَيِّنُ (هَذا)، أيْ: وأعْمالُهُمُ الَّتِي يَعْمَلُونَها غَيْرُ ذَلِكَ. ويُذَكِّرُنِي هَذا قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ الخارِجِيِّ في مَدْحِ عُرْوَةَ بْنِ زَيْدِ الخَيْلِ:
يا أيُّها المُتَمَنِّي أنْ يَكُـونَ فَـتًى مِثْلَ ابْنِ زَيْدٍ لَقَدْ أخْلى لَكَ السُّبُلا
أعْدِدْ فَضائِلَ أخْلاقٍ عُـدِدْنَ لَـهُ ∗∗∗ هَلْ سَبَّ مِن أحَدٍ أوْ سُبَّ أوْ بَخِلا
إنْ تُنْفِقِ المالَ أوْ تَكْلَفْ مَساعِـيَهُ ∗∗∗ يُشْفِقْ عَلَيْكَ وتَفْعَلْ دُونَ ما فُعِلا
٢٠٦صفحة ٨١
ولامُ (لَهم أعْمالٌ) لِلِاخْتِصاصِ. وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ بِها عَلى المَبْدَأِ لِقَصْرِ المُسْنَدِ إلَيْهِ عَلى المُسْنَدِ، أيْ: لَهم أعْمالٌ لا يَعْمَلُونَ غَيْرَها مِن أعْمالِ الإيمانِ والخَيْراتِ.ووَصْفُ (أعْمالٌ) بِجُمْلَةِ ﴿هم لَها عامِلُونَ﴾ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهم مُسْتَمِرُّونَ عَلَيْها لا يُقْلِعُونَ عَنْها؛ لِأنَّهم ضُرُّوا بِها لِكَثْرَةِ انْغِماسِهِمْ فِيها.
وجِيءَ بِالجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِإفادَةِ الدَّوامِ عَلى تِلْكَ الأعْمالِ وثَباتِهِمْ عَلَيْها.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَقْدِيمُ (لَها) عَلى (عامِلُونَ) لِإفادَةِ الِاخْتِصاصِ لِقَصْرِ القَلْبِ، أيْ: لا يَعْمَلُونَ غَيْرَها مِنَ الأعْمالِ الصّالِحَةِ الَّتِي دُعُوا إلَيْها. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِلرِّعايَةِ عَلى الفاصِلَةِ؛ لِأنَّ القَصْرَ قَدْ أُفِيدَ بِتَقْدِيمِ المُسْنَدِ إلَيْهِ.