Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ألَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكم فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ ﴿قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وكُنّا قَوْمًا ضالِّينَ﴾ ﴿رَبَّنا أخْرِجْنا مِنها فَإنْ عُدْنا فَإنّا ظالِمُونَ﴾
جُمْلَةُ ﴿ألَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: يُقالُ لَهم يَوْمَئِذٍ. وهَذا تَعَرُّضٌ لِبَعْضِ ما يَجْرِي يَوْمَئِذٍ. والآياتُ: آياتُ القُرْآنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: ﴿تُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ حَمْلًا عَلى ظاهِرِ اللَّفْظِ.
والتِّلاوَةُ: القِراءَةُ. وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ﴾ [البقرة: ١٠٢] في البَقَرَةِ، وقَوْلِهِ: ﴿وإذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهم إيمانًا﴾ [الأنفال: ٢] في سُورَةِ الأنْفالِ. والِاسْتِفْهامُ إنْكارٌ.
والغَلْبُ حَقِيقَتُهُ: الِاسْتِيلاءُ والقَهْرُ. وأُطْلِقَ هُنا عَلى التَّلَبُّسِ بِالشِّقْوَةِ دُونَ التَّلَبُّسِ بِالسَّعادَةِ. ومَفْعُولُ (غَلَبَتْ) مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ (شِقْوَتُنا)؛ لِأنَّ الشِّقْوَةَ
صفحة ١٢٨
تُقابِلُها السَّعادَةُ، أيْ: غَلَبَتْ شِقْوَتُنا السَّعادَةَ. والمَجْرُورُ بِـ (عَلى) بَعْدَ مادَّةِ الغَلْبِ هو الشَّيْءُ المُتَغالَبُ عَلَيْهِ كَما في الحَدِيثِ قالَ النِّساءُ: غَلَبَنا عَلَيْكَ الرِّجالُ. مُثِّلَتْ حالَةُ اخْتِيارِهِمْ لِأسْبابِ الشِّقْوَةِ بَدَلَ أسْبابِ السَّعادَةِ بِحالَةٍ غائِرَةٍ بَيْنَ السَّعادَةِ والشَّقاوَةِ عَلى نُفُوسِهِمْ. وإضافَةُ الشِّقْوَةِ إلى ضَمِيرِهِمْ لِاخْتِصاصِها بِهِمْ حِينَ صارَتْ غالِبَةً عَلَيْهِمْ.والشِّقْوَةُ بِكَسْرِ الشِّينِ وسُكُونِ القافِ في قِراءَةِ الجُمْهُورِ. وهي زِنَةُ الهَيْئَةِ مِنَ الشَّقاءِ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ (شَقاوَتُنا) بِفَتْحِ الشِّينِ وبِألِفٍ بَعْدَ القافِ وهو مَصْدَرٌ عَلى صِيغَةِ الفَعالَةِ مِثْلَ الجَزالَةِ والسَّذاجَةِ. وزِيادَةُ قَوْلِهِ (قَوْمًا) لِيَدُلَّ عَلى أنَّ الضَّلالَةَ مِن شِيمَتِهِمْ وبِها قِوامُ قَوْمِيَّتِهِمْ كَما تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٦٤] في سُورَةِ البَقَرَةِ وعِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس: ١٠١] في آخِرِ سُورَةِ يُونُسَ.
وهم ظَنُّوا أنَّهم إنْ أُخْرِجُوا مِنَ النّارِ رَجَعُوا إلى الإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ فالتَزَمُوا لِلَّهِ بِأنَّهم لا يَعُودُونَ إلى الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ.
وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ (عُدْنا) لِظُهُورِهِ مِنَ المَقامِ إذْ كانَ إلْقاؤُهم في النّارِ لِأجْلِ الإشْراكِ والتَّكْذِيبِ كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهم: ﴿وكُنّا قَوْمًا ضالِّينَ﴾ .
والظُّلْمُ في (فَإنّا ظالِمُونَ) هو تَجاوُزُ العَدْلِ، والمُرادُ: ظُلْمٌ آخَرُ بَعْدَ ظُلْمِهِمُ الأوَّلِ وهو الَّذِي يَنْقَطِعُ عِنْدَهُ سُؤالُ العَفْوِ.