﴿فَلَمّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أئِنَّ لَنا لَأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ ﴿قالَ نَعَمْ وإنَّكم إذًا لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ .

تَقَدَّمَ نَظِيرُها في سُورَةِ الأعْرافِ بِقَوْلِهِ: (وجاءَ السَّحَرَةُ) وبِطَرْحِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ إذْ قالَ هُناكَ: (إنَّ لَنا لَأجْرًا)، وهو تَفَنُّنٌ في حِكايَةِ مَقالَتِهِمْ عِنْدَ إعادَتِها لِئَلّا تُعادَ كَما هي، وبِدُونِ كَلِمَةِ (إذا)، فَحَكى هُنا ما في كَلامِ فِرْعَوْنَ مِن دَلالَةٍ عَلى جَزاءِ مَضْمُونِ قَوْلِهِمْ: (﴿إنَّ لَنا لَأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ [الأعراف: ١١٣]) زِيادَةً عَلى ما اقْتَضاهُ حَرْفُ (نَعَمْ) مِن تَقْرِيرِ اسْتِفْهامِهِمْ عَنِ الأجْرِ. فَتَقْدِيرُ الكَلامِ: إنْ كُنْتُمْ غالِبِينَ إذًا إنَّكم لَمِنَ المُقَرَّبِينَ. وهَذا وقَعَ الِاسْتِغْناءُ عَنْهُ في سُورَةِ الأعْرافِ فَهو زِيادَةٌ في حِكايَةِ القِصَّةِ هُنا. وكَذَلِكَ شَأْنُ القُرْآنِ في قَصَصِهِ أنْ لا يَخْلُوَ المَعادُ مِنها عَنْ فائِدَةٍ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ في في مَوْضِعٍ آخَرَ مِنهُ تَجْدِيدًا لِنَشاطِ السّامِعِ كَما تَقَدَّمَ في المُقَدِّمَةِ السّابِعَةِ مِن مُقَدِّماتِ هَذا التَّفْسِيرِ. وسُؤالُهم عَنِ اسْتِحْقاقِ الأجْرِ إدْلالٌ بِخِبْرَتِهِمْ وبِالحاجَةِ إلَيْهِمْ إذْ عَلِمُوا أنَّ فِرْعَوْنَ شَدِيدُ الحِرْصِ عَلى أنْ يَكُونُوا غالِبِينَ وخافُوا أنْ يُسَخِّرَهم فِرْعَوْنُ بِدُونِ أجْرٍ فَشَرَطُوا أجْرَهم مِن قَبْلِ الشُّرُوعِ في العَمَلِ لِيُقَيِّدُوهُ بِوَعْدِهِ.