﴿قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ ﴿قالَ رَبِّ إنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ﴾ ﴿فافْتَحْ بَيْنِي وبَيْنَهم فَتْحًا ونَجِّنِي ومَن مَعِي مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿فَأنْجَيْناهُ ومَن مَعَهُ في الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ ﴿ثُمَّ أغْرَقْنا بَعْدُ الباقِينَ﴾ .

لَمّا أعْياهُمُ الِاسْتِدْلالُ صارُوا إلى سِلاحِ المُبْطِلِينَ وهو المُناضَلَةُ بِالأذى.

والرَّجْمُ: الرَّمْيُ بِالحِجارَةِ، وقَدْ غَلَبَ اسْتِعْمالُهُ في القَتْلِ بِهِ، و(﴿مِنَ المَرْجُومِينَ﴾) يُفِيدُ مِن بَيْنِ الَّذِينَ يُعاقَبُونَ بِالرَّجْمِ، أيْ: مِن فِئَةِ الدُّعّارِ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ الرَّجْمَ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ (﴿وما أنا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾ [الأنعام: ٥٦]) في سُورَةِ الأنْعامِ.

وقَوْلُهُ: (﴿إنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ﴾) تَمْهِيدٌ لِلدُّعاءِ عَلَيْهِمْ وهو خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ في إنْشاءِ التَّحَسُّرِ واليَأْسِ مِن إقْلاعِهِمْ عَنِ التَّكْذِيبِ.

والفَتْحُ: الحُكْمُ، وتَأْكِيدُهُ بِ (فَتْحًا) لِإرادَةِ حُكْمٍ شَدِيدٍ، وهو الِاسْتِئْصالُ ولِذَلِكَ أعْقَبَهُ بِالِاحْتِراسِ بِقَوْلِهِ: ﴿ونَجِّنِي ومَن مَعِي مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ .

والمَشْحُونُ: المَمْلُوءُ.

و(ثُمَّ) لِلتَّراخِي الرُّتْبِيِّ في الإخْبارِ؛ لِأنَّ إغْراقَ أُمَّةٍ كامِلَةٍ أعْظَمُ دَلالَةً عَلى عَظِيمِ القُدْرَةِ مِن إنْجاءِ طائِفَةٍ مِنَ النّاسِ.

وحَذْفُ الياءِ مِن قَوْلِهِ (كَذَّبُونِ) لِلْفاصِلَةِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ (﴿فَأخافَ أنْ يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء: ١٤]) .