Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ١٧٧
﴿قالُوا إنَّما أنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ﴾ ﴿ما أنْتَ إلّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ .أجابُوا مَوْعِظَتَهُ بِالبُهْتانِ فَزَعَمُوهُ فَقَدَ رُشْدَهُ وتَغَيَّرَ حالُهُ، واخْتَلَقُوا أنَّ ذَلِكَ مِن أثَرِ سِحْرٍ شَدِيدٍ. فالمُسَحَّرُ: اسْمُ مَفْعُولٍ سَحَّرَهُ إذا سَحَرَهُ سِحْرًا مُتَمَكِّنًا مِنهُ، و(مِنَ المُسَحَّرِينَ) أبْلَغُ في الِاتِّصافِ بِالتَّسْحِيرِ مِن أنْ يُقالَ: إنَّما أنْتَ مُسَحَّرٌ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦] .
ولَمّا تَضَمَّنُ قَوْلُهم: (﴿إنَّما أنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ﴾) تَكْذِيبَهم إيّاهُ أيَّدُوا تَكْذِيبَهُ بِأنَّهُ بَشَرٌ مِثْلُهم. وذَلِكَ في زَعْمِهِمْ يُنافِي أنْ يَكُونَ رَسُولًا مِنَ اللَّهِ؛ لِأنَّ الرَّسُولَ في زَعْمِهِمْ لا يَكُونُ إلّا مَخْلُوقًا خارِقًا لِلْعادَةِ كَأنْ يَكُونَ مَلَكًا أوْ جِنِّيًّا. فَجُمْلَةُ (﴿ما أنْتَ إلّا بَشَرٌ مِثْلُنا﴾) في حُكْمِ التَّأْكِيدِ بِجُمْلَةِ (﴿إنَّما أنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ﴾) بِاعْتِبارِ مَضْمُونِ الجُمْلَتَيْنِ.
وفَرَّعُوا عَلى تَكْذِيبِهِ المُطالَبَةَ بِأنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ عَلى صِدْقِهِ، أيْ: أنْ يَأْتِيَ بِخارِقِ عادَةٍ يَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ صَدَّقَهُ في دَعْوى الرِّسالَةِ عَنْهُ. وفَرَضُوا صِدْقَهُ بِحَرْفِ (إنِ) الشَّرْطِيَّةِ الغالِبِ اسْتِعْمالُها في الشَّكِّ.
ومَعْنى (مِنَ الصّادِقِينَ) مِنَ الفِئَةِ المَعْرُوفِينَ بِالصِّدْقِ يَعْنُونَ بِذَلِكَ الرُّسُلَ الصّادِقِينَ لِدَلالَتِهِ عَلى تَمَكُّنِ الصِّدْقِ مِنهُ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: (﴿مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦]) .