﴿فَإنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إنِّي بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ .

تَفْرِيعٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] أيْ: عَصَوْا أمْرَكَ المُسْتَفادَ مِنَ الأمْرِ بِالإنْذارِ، أيْ: فَإنْ عَصاكَ عَشِيرَتُكَ فَما عَلَيْكَ إلّا أنْ تَتَبَرَّأ مِن عَمَلِهِمْ، وهَذا هو مَثارُ قَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ لَهم في دَعْوَتِهِ: «غَيْرَ أنَّ لَكم رَحِمًا سَأبُلُّها بِبَلالِها» فالتَّبَرُّؤُ إنَّما هو مِن كُفْرِهِمْ، وذَلِكَ لا يَمْنَعُ مِن صِلَتِهِمْ لِأجْلِ الرَّحِمِ وإعادَةِ النُّصْحِ لَهم كَما قالَ: «قُلْ لا أسْألُكم عَلَيْهِ أجْرًا إلّا المَوَدَّةَ في القُرْبى» . وإنَّما أُمِرَ بِأنْ يَقُولَ لَهم ذَلِكَ لِإظْهارِ أنَّهم أهْلٌ لِلتَّبَرُّؤِ مِن أعْمالِهِمْ فَلا يَقْتَصِرُ عَلى إضْمارِ ذَلِكَ في نَفْسِهِ.