Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ ظاهِرُ تَرْتِيبِ الأخْبارِ أنَّها عَلى وفْقِ تَرْتِيبِ مَضامِينِها في الحُصُولِ، وهَذا يُرَجِّحُ أنْ يَكُونَ حُصُولُ مَضْمُونِ ﴿وأصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغًا﴾ [القصص: ١٠] سابِقًا عَلى حُصُولِ مَضْمُونِ ﴿وقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾، أيْ قالَتْ لِأُخْتِهِ ذَلِكَ بَعْدَ أنِ اطْمَأنَّ قَلْبُها لِما أُلْهِمَتْهُ مِن إلْقائِهِ في اليَمِّ، أيْ لَمّا ألْقَتْهُ في اليَمِّ قالَتْ لِأُخْتِهِ: انْظُرِي أيْنَ يُلْقِيهِ اليَمُّ، ومَتى يُسْتَخْرَجُ مِنهُ ؟ وقَدْ عَلِمَتْ أنَّ اليَمَّ لا يُلْقِيهِ بَعِيدًا عَنْها؛ لِأنَّ ذَلِكَ مُقْتَضى وعْدِ اللَّهِ بِرَدِّهِ إلَيْها.
صفحة ٨٣
وأُخْتُ مُوسى اسْمُها مَرْيَمُ، وقَدْ مَضى ذِكْرُ القِصَّةِ في سُورَةِ طه.والقَصُّ: اتِّباعُ الأثَرِ، اسْتُعْمِلَ في تَتَبُّعِ الذّاتِ بِالنَّظَرِ فَلِذَلِكَ عُدِّيَ إلى ضَمِيرِ مُوسى دُونَ ذِكْرِ الأثَرِ. وقَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ الكَهْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿فارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤] .
وبَصُرَ بِالشَّيْءِ صارَ ذا بَصَرٍ بِهِ. أيْ باصِرًا لَهُ فَهو يُفِيدُ قُوَّةَ الإبْصارِ، أيْ قُوَّةَ اسْتِعْمالِ حاسَّةِ البَصَرِ وهو التَّحْدِيقُ إلى المُبْصَرِ، فَـ ”بَصُرَ“ أشَدُّ مِن (أبْصَرَ) . فالباءُ الدّاخِلَةُ عَلى مَفْعُولِهِ باءُ السَّبَبِيَّةِ لِلدَّلالَةِ عَلى شِدَّةِ العِنايَةِ بِرُؤْيَةِ المَرْئِيِّ حَتّى كَأنَّهُ صارَ باصِرًا بِسَبَبِهِ. ولَكَ أنْ تَجْعَلَ الباءَ زائِدَةً لِتَأْكِيدِ الفِعْلِ فَتُفِيدَ زِيادَةَ مُبالَغَةٍ في مَعْنى الفِعْلِ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ [طه: ٩٦] في سُورَةِ طه.
والجُنُبُ: بِضَمَّتَيْنِ البَعِيدُ. وهو صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ يُعْرَفُ مِنَ المَقامِ، أيْ عَنْ مَكانِ جُنُبٍ.
و”عَنْ“ لِلْمُجاوَزَةِ، والمَجْرُورُ في مَوْضِعِ حالٍ مِن ضَمِيرِ ”بَصُرَتْ“؛ لِأنَّ المُجاوَزَةَ هُنا مِن أحْوالِ أُخْتِهِ لا مِن صِفاتِ المَكانِ.
و”هم“ أيْ آلُ فِرْعَوْنَ حِينَ التَقَطُوهُ لا يَشْعُرُونَ بِأنَّ أُخْتَهُ تُراقِبُ أحْوالَهُ وذَلِكَ مِن حَذَقِ أُخْتِهِ في كَيْفِيَّةِ مُراقَبَتِهِ.