﴿فَلَمّا قَضى مُوسى الأجَلَ وسارَ بِأهْلِهِ آنَسَ مِن جانِبِ الطُّورِ نارًا قالَ لِأهْلِهِ امْكُثُوا إنِّيَ آنَسْتُ نارًا لَعَلِّيَ آتِيكم مِنها بِخَبَرٍ أوْ جِذْوَةٍ مِنَ النّارِ لَعَلَّكم تَصْطَلُونَ﴾

لَمْ يَذْكُرِ القُرْآنُ أيَّ الأجَلَيْنِ قَضى مُوسى إذْ لا يَتَعَلَّقُ بِتَعْيِينِهِ غَرَضٌ في سِياقِ القِصَّةِ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ (قَضى أوْفاهُما وأطْيَبَهُما إنَّ رَسُولَ اللَّهِ إذا قالَ فَعَلَ) أيْ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ المُسْتَقْبَلَ لا يَصْدُرُ مِن مِثْلِهِ إلّا الوَفاءُ التّامُّ، ووَرَدَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ في أحادِيثَ ضَعِيفَةِ الأسانِيدِ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأجابَ بِمِثْلِ ما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ.

والأهْلُ مِن إطْلاقِهِ الزَّوْجَةُ كَما في الحَدِيثِ «واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلى أهْلِي إلّا خَيْرًا» .

وفِي سِفْرِ الخُرُوجِ: أنَّهُ اسْتَأْذَنَ صِهْرَهُ في الذَّهابِ إلى مِصْرَ لِافْتِقادِ أُخْتِهِ وآلِهِ. وبَقِيَّةُ القِصَّةِ تَقَدَّمَتْ في سُورَةِ النَّمْلِ إلّا زِيادَةَ قَوْلِهِ: ﴿آنَسَ مِن جانِبِ الطُّورِ نارًا﴾ وذَلِكَ مُساوٍ لِقَوْلِهِ هُنا ﴿إذْ رَأى نارًا فَقالَ لِأهْلِهِ امْكُثُوا إنِّي آنَسْتُ نارًا﴾ [طه: ١٠] .

والجِذْوَةُ مُثَلَّثُ الجِيمِ، وقُرِئَ بِالوُجُوهِ الثَّلاثَةِ، فالجُمْهُورُ بِكَسْرِ الجِيمِ، وعاصِمٌ بِفَتْحِ الجِيمِ وحَمْزَةُ وخَلَفٌ بِضَمِّها، وهي العُودُ الغَلِيظُ. قِيلَ مُطْلَقًا وقِيلَ المُشْتَعِلُ وهو الَّذِي في القامُوسِ. فَإنْ كانَ الأوَّلَ فَوَصْفُ الجِذْوَةِ بِأنَّها مِنَ النّارِ وصْفٌ مُخَصَّصٌ، وإنْ كانَ الثّانِيَ فَهو وصْفٌ كاشِفٌ، و”مِن“ عَلى الأوَّلِ بَيانِيَّةٌ وعَلى الثّانِي تَبْعِيضِيَّةٌ.