Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿فَأخَذْناهُ وجُنُودَهُ فَنَبَذْناهم في اليَمِّ فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ﴾ أيْ ظَنُّوا أنَّهم لا يَرْجِعُونَ إلَيْنا فَعَجَّلْنا بِهَلاكِهِمْ فَإنَّ ذَلِكَ مِنَ الرُّجُوعِ إلى اللَّهِ؛ لِأنَّهُ رُجُوعٌ إلى حُكْمِهِ وعِقابِهِ، ويَعْقُبُهُ رُجُوعُ أرْواحِهِمْ إلى عِقابِهِ، فَلِهَذا فَرَّعَ عَلى ظَنِّهِمْ ذَلِكَ الإعْلامَ بِأنَّهُ أُخِذَ وجُنُودُهُ، وجَعَلَ هَذا التَّفْرِيعَ كالِاعْتِراضِ بَيْنَ حِكايَةِ أحْوالِهِمْ.
وجَعَلَ في الكَشّافِ هَذا مِنَ الكَلامِ الفَخْمِ لِدَلالَتِهِ عَلى عَظَمَةِ شَأْنِ اللَّهِ إذْ كانَ قَوْلُهُ ”﴿فَنَبَذْناهم في اليَمِّ﴾“ ويَتَضَمَّنُ اسْتِعارَةً مَكْنِيَّةً، شُبِّهَ هو وجُنُودُهُ بِحَصَياتٍ أخَذَهُنَّ في كَفِّهِ فَطَرَحَهُنَّ في البَحْرِ. وإذا حُمِلَ الأخْذُ عَلى حَقِيقَتِهِ كانَ فِيهِ اسْتِعارَةٌ مَكْنِيَّةٌ أيْضًا؛ لِأنَّهُ يَسْتَتْبِعُ تَشْبِيهًا بِقَبْضَةٍ تُؤْخَذُ بِاليَدِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿وحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ [الحاقة: ١٤] وقَوْلِهِ ﴿والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [الزمر: ٦٧] . ويَجُوزُ أنْ يُجْعَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ اسْتِعارَةً تَمْثِيلِيَّةً كَما لا يَخْفى.
وقَوْلُهُ ﴿فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ﴾ اعْتِبارٌ بِسُوءِ عاقِبَتِهِمْ لِأجْلِ ظُلْمِهِمْ أنْفُسَهم بِالكُفْرِ وظُلْمِهِمُ الرَّسُولَ بِالِاسْتِكْبارِ عَنْ سَماعِ دَعْوَتِهِمْ. وهَذا مَوْضِعُ العِبْرَةِ مِن سَوْقِ هَذِهِ القِصَّةِ لِيَعْتَبِرَ بِها المُشْرِكُونَ، فَيَقِيسُوا حالَ دَعْوَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ بِحالِ دَعْوَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ويَقِيسُوا حالَهم بِحالِ فِرْعَوْنَ، فَيُوقِنُوا بِأنَّ ما أصابَ فِرْعَوْنَ وقَوْمَهُ مِن عِقابٍ سَيُصِيبُهم لا مَحالَةَ. وهَذا مِن جُمْلَةِ مَحَلِّ العِبْرَةِ بِهَذا الجُزْءِ مِنَ القِصَّةِ ابْتِداءً مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلَمّا جاءَهم مُوسى بِآياتِنا صفحة ١٢٦
وكَما طَمِعَ فِرْعَوْنُ أنْ يَبْلُغَ إلى اللَّهِ اسْتِكْبارًا مِنهُ في الأرْضِ، سَألَ المُشْرِكُونَ ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنا المَلائِكَةُ أوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا في أنْفُسِهِمْ وعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٢١] وظَنُّوا أنَّهم لا يَرْجِعُونَ إلى اللَّهِ كَما ظَنَّ أُولَئِكَ فَيُوشِكُ أنْ يُصِيبَهم مِنَ الِاسْتِئْصالِ ما أصابَ أُولَئِكَ.