Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ وما لَكم مِن دُونِ اللَّهِ مِن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ﴾
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وإلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ [العنكبوت: ٢١] بِاعْتِبارِ ما تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الوَعِيدِ.
والمُعْجِزُ حَقِيقَتُهُ: هو الَّذِي يَجْعَلُ غَيْرَهُ عاجِزًا عَنْ فِعْلٍ ما، وهو هُنا مَجازٌ في الغَلَبَةِ والِانْفِلاتِ مِنَ المُكْنَةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [الأنعام: ١٣٤] في سُورَةِ الأنْعامِ.
فالمَعْنى: وما أنْتُمْ بِمُفْلَتِينَ مِنَ العَذابِ. ومَفْعُولُ مُعْجِزِينِ مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ، أيْ بِمُعْجِزِينَ اللَّهَ.
ويَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ: ﴿فِي الأرْضِ﴾ [العنكبوت: ٢٠] بِـ مُعْجِزِينَ، أيْ لَيْسَ لَكُمُ انْفِلاتٌ في الأرْضِ، أيْ لا تَجِدُونَ مَوْئِلًا يُنْجِيكم مِن قُدْرَتِنا عَلَيْكم في مَكانٍ مِنَ الأرْضِ سَهْلِها وجَبَلِها، وبَدْوِها وحَضَرِها.
وعَطْفُ ﴿ولا في السَّماءِ﴾ عَلى ﴿فِي الأرْضِ﴾ [العنكبوت: ٢٠] احْتِراسٌ وتَأْيِيسٌ مِنَ الطَّمَعِ في النَّجاةِ، وإنْ كانُوا لا مَطْمَعَ لَهم في الِالتِحاقِ بِالسَّماءِ. وهَذا كَقَوْلِ الأعْشى:
صفحة ٢٣٣
فَلَوْ كُنْتَ في جُبٍّ ثَمانِينَ قامَةً ورُقِّيتَ أسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ
ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ﴾ [سبإ: ٢٢]، ولَمْ تَقَعْ مِثْلُ هَذِهِ الزِّيادَةِ في آيَةِ سُورَةِ الشُّورى ﴿ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ وما لَكم مِن دُونِ اللَّهِ مِن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]؛ لِأنَّ تِلْكَ الآيَةَ جَمَعَتْ خِطابًا لِلْمُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠] إذِ العَفْوُ عَنِ المُسْلِمِينَ، و”ما“ هُنا مِنَ المُبالَغَةِ المَفْرُوضَةِ وهي مِنَ المُبالَغَةِ المَقْبُولَةِ كَما في قَوْلِ أُبَيِّ بْنِ سُلَمِيٍّ الضَّبِّيِّ:ولَوْ طارَ ذُو حافِرٍ قَبْلَها ∗∗∗ لَطارَتْ ولَكِنَّهُ لَمْ يَطِرْ
وهِيَ أظْهَرُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ إنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوا مِن أقْطارِ السَّماواتِ والأرْضِ فانْفُذُوا﴾ [الرحمن: ٣٣] . وفي هَذا إشارَةٌ إلى إبْطالِ اغْتِرارِهِمْ بِتَأْخِيرِ الوَعِيدِ الَّذِي تَوَعَّدُوهُ في الدُّنْيا.ولَمّا آيَسَهم مِنَ الِانْفِلاتِ بِأنْفُسِهِمْ في جَمِيعِ الأمْكِنَةِ أعْقَبَهُ بِتَأْيِيسِهِمْ مِنَ الِانْفِلاتِ مِنَ الوَعِيدِ بِسَعْيِ غَيْرِهِمْ لَهم مِن أوْلِياءَ يَتَوَسَّطُونَ في دَفْعِ العَذابِ عَنْهم بِنَحْوِ السِّعايَةِ أوِ الشَّفاعَةِ، أوْ مِن نُصَراءٍ يُدافِعُونَ عَنْهم بِالمُغالَبَةِ والقُوَّةِ.