﴿والَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ ولِقائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِن رَحْمَتِي وأُولَئِكَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾

بَيانٌ لِما في قَوْلِهِ: ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ ويَرْحَمُ مَن يَشاءُ﴾ [العنكبوت: ٢١]، وإنَّما عُطِفَ لِما فِيهِ مِن زِيادَةِ الإخْبارِ بِأنَّهم لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، وأنَّهُ يُصِيبُهم بِعَذابٍ ألِيمٍ.

والكُفْرُ بِآياتِ اللَّهِ: هو كُفْرُهم بِالقُرْآنِ، والكُفْرُ بِلِقائِهِ: إنْكارُ البَعْثِ.

واسْمُ الإشارَةِ يُفِيدُ أنَّ ما سَيَذْكُرُهُ بَعْدَهُ نالَهم مِن أجْلِ ما ذُكِرَ قَبْلَ اسْمِ الإشارَةِ مِن أوْصافٍ، أيْ أنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا اليَأْسَ مِنَ الرَّحْمَةِ وإصابَتَهم بِالعَذابِ الألِيمِ لِأجْلِ كُفْرِهِمْ بِالقُرْآنِ وإنْكارِهِمُ البَعْثَ عَلى أُسْلُوبِ ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥] .

صفحة ٢٣٤

وأخْبَرَ عَنْ يَأْسِهِمْ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ بِفِعْلِ المُضِيِّ تَنْبِيهًا عَلى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ، والمَعْنى: أُولَئِكَ سَيَيْأسُونَ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ لا مَحالَةَ.

والتَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ الظّاهِرِ في قَوْلِهِ: ﴿بِآياتِ اللَّهِ﴾ دُونَ ضَمِيرِ التَّكَلُّمِ؛ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الآياتِ حَيْثُ أُضِيفَتْ إلى الِاسْمِ الجَلِيلِ لِما في الِاسْمِ الجَلِيلِ مِنَ التَّذْكِيرِ بِأنَّهُ حَقِيقٌ بِأنْ لا يَكْفُرَ بِآياتِهِ. والعُدُولُ إلى التَّكَلُّمِ في قَوْلِهِ: رَحْمَتِي التِفاتٌ عادَ بِهِ أُسْلُوبُ الكَلامِ إلى مُقْتَضى الظّاهِرِ، وإعادَةُ اسْمِ الإشارَةِ لِتَأْكِيدِ التَّنْبِيهِ عَلى اسْتِحْقاقِهِمْ ذَلِكَ.