﴿فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إلّا أنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ ﴿قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلى القَوْمِ المُفْسِدِينَ﴾

الكَلامُ فِيهِ كالقَوْلِ في نَظِيرِهِ المُتَقَدِّمِ آنِفًا في قَوْلِهِ: ﴿فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إلّا أنْ قالُوا اقْتُلُوهُ﴾ [العنكبوت: ٢٤] الآيَةَ، والأمْرُ في ﴿ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ﴾ لِلتَّعْجِيزِ، وهو يَقْتَضِي أنَّهُ أنْذَرَهُمُ العَذابَ في أثْناءِ دَعْوَتِهِ. ولَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ ذَلِكَ في قِصَّةِ لُوطٍ فِيما مَضى، لَكِنَّ الإنْذارَ مِن شُئُونِ دَعْوَةِ الرُّسُلِ.

وأرادَ بِالنَّصْرِ عِقابَ المُكَذِّبِينَ لِيُرِيَهم صِدْقَ ما أبْلَغَهم مِن رِسالَةِ اللَّهِ.

ووَصَفَهم بِـ المُفْسِدِينَ لِأنَّهم يُفْسِدُونَ أنْفُسَهم بِشَناعاتِ أعْمالِهِمْ، ويُفْسِدُونَ النّاسَ بِحَمْلِهِمْ عَلى الفَواحِشِ وتَدْرِيبِهِمْ بِها، وفي هَذا الوَصْفِ تَمْهِيدٌ لِلْإجابَةِ بِالنَّصْرِ؛ لِأنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ.