Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ بِالحَقِّ إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
بَعْدَ أنْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعالى عَدَمَ انْتِفاعِ المُشْرِكِينَ بِالحُجَّةِ ومُقَدِّماتِها ونَتائِجِها المُوَصِّلَةِ إلى بُطْلانِ إلَهِيَّةِ الأصْنامِ مُسْتَوْفاةً مُغْنِيَةً لِمَن يُرِيدُ التَّأمُّلَ والتَّدَبُّرَ في صِحَّةِ مُقَدَّماتِها بِإنْصافٍ - نُقِلَ الكَلامُ إلى مُخاطَبَةِ المُؤْمِنِينَ لِإفادَةِ التَّنْوِيهِ بِشَأْنِ المُؤْمِنِينَ؛ إذِ انْتَفَعُوا بِما هو أدَقُّ مِن ذَلِكَ وهو حالَةُ النَّظَرِ والفِكْرِ في دَلالَةِ الكائِناتِ عَلى أنَّ خالِقَها هو
صفحة ٢٥٧
اللَّهُ، وأنْ لا شَيْءَ غَيْرَهُ حَقِيقًا بِمُشارَكَتِهِ في إلَهِيَّتِهِ، فَأفادَ أنَّ المُؤْمِنِينَ قَدِ اهْتَدَوْا إلى العِلْمِ بِبُطْلانِ إلَهِيَّةِ الأصْنامِ خِلافًا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يَهْتَدُوا بِذَلِكَ، فَأفْهَمَ ذَلِكَ أنَّ مَن لَمْ يَعْقِلُوها لَيْسُوا بِعالِمِينَ، أخْذًا مِن مَفْهُومِ الصِّفَةِ في قَوْلِهِ: لِلْمُؤْمِنِينَ إذا اعْتُبِرَ المَعْنى الوَصْفِيُّ مِن قَوْلِهِ: لِلْمُؤْمِنِينَ، أوْ أخْذًا مِنَ الِاقْتِصارِ عَلى ذِكْرِ المُؤْمِنِينَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ إذا اعْتُبِرَ عُنْوانُ المُؤْمِنِينَ لَقَبًا.والِاقْتِصارُ عِنْدَ ذِكْرِ دَلِيلِ الوَحْدانِيَّةِ عَلى انْتِفاعِ المُؤْمِنِينَ بِتِلْكَ الدَّلالَةِ المُفِيدِ بِأنَّ المُشْرِكِينَ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ يُشْبِهُ الِاحْتِباكَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ.
والباءُ في بِالحَقِّ لِلْمُلابَسَةِ، أيْ خَلَقَهُما عَلى أحْوالِهِما كُلِّها بِما لَيْسَ بِباطِلٍ. والباطِلُ في كُلِّ شَيْءٍ لا وفاءَ فِيهِ بِما جُعِلَ هو لَهُ. وضِدُّ الباطِلِ الحَقُّ، فالحَقُّ في كُلِّ عَمَلٍ هو إتْقانُهُ وحُصُولُ المُرادِ مِنهُ، قالَ تَعالى: ﴿وما خَلَقْنا السَّماءَ والأرْضَ وما بَيْنَهُما باطِلًا﴾ [ص: ٢٧] .
والمُرادُ بِالسَّماواتِ والأرْضِ ما يَشْمَلُ ذاتَهُما والمَوْجُوداتِ المَظْرُوفَةُ فِيهِما. وهَذا الخَلْقُ المُتْقَنُ الَّذِي لا تَقْصِيرَ فِيهِ عَمّا أُرِيدَ مِنهُ هو آيَةٌ عَلى وحْدانِيَّةِ الخالِقِ وعَلى صِفاتِ ذاتِهِ وأفْعالِهِ.