﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ ثُمَّ إلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾

اعْتِراضٌ ثانٍ بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ المُتَعاطِفَتَيْنِ قُصِدَ مِنها تَأْكِيدُ الوَعِيدِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا بِالباطِلِ﴾ [العنكبوت: ٥٢] إلى آخِرِها، والوَعْدُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا﴾ [العنكبوت: ٥٨] أيِ المَوْتُ مُدْرِكٌ جَمِيعَ الأنْفُسِ

صفحة ٢٣

ثُمَّ يُرْجَعُونَ إلى اللَّهِ. وقُصِدَ مِنها أيْضًا تَهْوِينُ ما يُلاقِيهِ المُؤْمِنُونَ مِنَ الأذى في اللَّهِ ولَوْ بَلَغَ إلى المَوْتِ بِالنِّسْبَةِ لِما يَتَرَقَّبُهم مِن فَضْلِ اللَّهِ وثَوابِهِ الخالِدِ، وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّهم يَتَرَقَّبُهم جِهادٌ في سَبِيلِ اللَّهِ.

وقَرَأ الجُمْهُورُ ”تَرْجِعُونَ“ بِتاءِ الخِطابِ عَلى أنَّهُ خِطابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ في قَوْلِهِ: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [العنكبوت: ٥٦]، وقَرَأهُ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِياءِ الغَيْبَةِ تَبَعًا لِقَوْلِهِ: ﴿يَغْشاهُمُ العَذابُ﴾ [العنكبوت: ٥٥] .