Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿فَأقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾
تَفَرَّعَ عَلى الإنْذارِ والتَّحْذِيرِ مِن عَواقِبِ الشِّرْكِ تَثْبِيتُ الرَّسُولِ ﷺ عَلى
صفحة ١١٥
شَرِيعَتِهِ ووَعَدَ بِأنْ يَأْتِيَهُ النَّصْرُ كَقَوْلِهِ ﴿واعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾ [الحجر: ٩٩] مَعَ التَّعْرِيضِ بِالإرْشادِ إلى الخَلاصِ مِنَ الشِّرْكِ بِاتِّباعِ الدِّينِ القَيِّمِ، أيِ الحَقِّ. وهَذا تَأْكِيدٌ لِلْأمْرِ بِإقامَةِ الوَجْهِ لِلدِّينِ في قَوْلِهِ ﴿فَأقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ [الروم: ٣٠] فَإنَّ ذَلِكَ لَمّا فُرِّعَ في قَوْلِهِ ﴿أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [الروم: ٩] وما اتَّصَلَ مَن تَسَلْسُلِ الحُجَجِ والمَواعِظِ فُرِّعَ أيْضًا نَظِيرُهُ هَذا عَلى قَوْلِهِ ﴿قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ فانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ﴾ [الروم: ٤٢] وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِ قَوْلِهِ ﴿فَأقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ﴾ وعَلى مَعْنى إقامَةِ الوَجْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿فَأقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ [الروم: ٣٠] .و”القَيِّمُ“ بِوَزْنِ فَيْعِلٍ، وهي زِنَةٌ تَدُلُّ عَلى قُوَّةِ ما تُصاغُ مِنهُ، أيِ الشَّدِيدُ القِيامِ، والقِيامُ هُنا مَجازٌ في الإصابَةِ لِأنَّ الصَّوابَ يُشَبَّهُ بِالقِيامِ، وضِدَّهُ يُشَبَّهُ بِالعِوَجِ، وقَدْ جَمَعَهُما قَوْلُهُ تَعالى ﴿ولَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا﴾ [الكهف: ١] فَوُصِفَ الإسْلامُ في الآيَةِ السّابِقَةِ بِالحَنِيفِ والفِطْرَةِ ووُصِفَ هُنا بِالقَيِّمِ. وبَيْنَ أقِمْ و”القِيَمِ“ مُحْسِنٌ الجِناسُ.
والخِطابُ لِلنَّبِيءِ ﷺ بِهَذا الأمْرِ إعْراضٌ عَنْ صَرِيحِ خِطابِ المُشْرِكِينَ. والمَقْصُودُ التَّعْرِيضُ بِأنَّهم حَرَمُوا أنْفُسَهم مِنِ اتِّباعِ هَذا الدِّينِ العَظِيمِ الَّذِي فِيهِ النَّجاةُ. يُؤْخَذُ هَذا التَّعْرِيضُ مِن أمْرِ النَّبِيءِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِالدَّوامِ عَلى الإسْلامِ ومِن قَوْلِهِ عَقِبَ ذَلِكَ ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ الآيَةَ.
والمَرَدُّ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنَ الرَّدِّ وهو الدَّفْعُ، و”لَهُ“ يَتَعَلَّقُ بِهِ، و”مِنَ اللَّهِ“ مُتَعَلِّقٌ بِـ ”يَأْتِي“ و(مِنَ) ابْتِدائِيَّةٌ، والمُرادُ بِاليَوْمِ يَوْمُ عَذابٍ في الدُّنْيا وأنَّهُ إذا جاءَ لا يَرُدُّهُ عَنِ المُجازَيْنِ بِهِ رادٌّ لِأنَّهُ آتٍ مِنَ اللَّهِ. والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِهِ يَوْمُ بَدْرٍ.
و”يَصَّدَّعُونَ“ أصْلُهُ يَتَصَدَّعُونَ فَقُلِبَتِ التّاءُ صادًا لِتُقارُبِ مَخْرَجَيْهِما لِتَأْتِيَ التَّخْفِيفَ بِالإدْغامِ. والتَّصَدُّعُ: مُطاوِعُ الصَّدْعِ، وحَقِيقَةُ الصَّدْعِ: الكَسْرُ والشَّقُّ، ومِنهُ تَصَدَّعَ القَدَحُ.
والمُرادُ بِاليَوْمِ يَوْمُ الحَشْرِ. والتَّصَدُّعُ: التَّفَرُّقُ والتَّمايُزُ. ويَكُونُ ضَمِيرُ الجَمْعِ عائِدًا إلى جَمِيعِ النّاسِ، أيْ يَوْمئِذٍ يَفْتَرِقُ المُؤْمِنُونَ مِنَ الكافِرِينَ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَهم في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وأمّا الَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا ولِقاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ في العَذابِ مُحْضَرُونَ﴾ [الروم: ١٤] .