صفحة ١٨٠

﴿لِلَّهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ إنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾

مَوْقِعُ هَذِهِ الجُمْلَةِ مِنَ الَّتِي قَبْلَها مُوقِعُ النَّتِيجَةِ مِنَ الدَّلِيلِ في قَوْلِهِ ﴿لِلَّهِ ما في السَّماواتِ﴾ فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ ولَمْ تُعْطَفْ لِأنَّها بِمَنزِلَةِ بَدَلِ الِاشْتِمالِ مِنَ الَّتِي قَبْلَها، كَما تَقَدَّمَ آنِفًا في قَوْلِهِ ﴿يَأْتِ بِها اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ١٦]؛ فَإنَّهُ لَمّا تَقَرَّرَ إقْرارُهم لِلَّهِ بِخَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ لَزِمَهم إنْتاجُ أنَّ ما في السَّماواتِ والأرْضِ مِلْكٌ لِلَّهِ ومِن جُمْلَةِ ذَلِكَ أصْنامُهم. والتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ النَّتِيجَةِ لِقَصْدِ التَّهاوُنِ بِهِمْ في كُفْرِهِمْ بِأنَّ اللَّهَ يَمْلِكُهم ويَمْلِكُ ما في السَّماواتِ والأرْضِ، فَهو غَنِيٌّ عَنْ عِبادَتِهِمْ مَحْمُودٌ مِن غَيْرِهِمْ.

وضَمِيرُ هو ضَمِيرُ فَصْلٍ مُفادُهُ اخْتِصاصُ الغِنى والحَمْدِ بِاللَّهِ تَعالى، وهو قَصْرُ قَلْبٍ، أيْ لَيْسَ لِآلِهَتِهِمُ المَزْعُومَةِ غِنًى ولا تَسْتَحِقُّ حَمْدًا.

وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى الغَنِيِّ الحَمِيدِ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لقمان: ١٢] أوَّلَ السُّورَةِ.