Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ٢٨٩
﴿ولَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ وكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾هَؤُلاءِ هم بَنُو حارِثَةَ وبَنُو سَلَمَةَ وهُمُ الَّذِينَ قالَ فَرِيقٌ مِنهم ﴿إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣] واسْتَأْذَنَ النَّبِيءَ ﷺ، أيْ كانُوا يَوْمَ أُحُدٍ جَبُنُوا ثُمَّ تابُوا وعاهَدُوا النَّبِيءَ ﷺ أنَّهم لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ في غَزْوَةٍ بَعْدَها، وهُمُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنكم أنْ تَفْشَلا واللَّهُ ولِيُّهُما﴾ [آل عمران: ١٢٢]؛ فَطَرَأ عَلى نَفَرٍ مِن بَنِي حارِثَةَ نِفاقٌ وضَعْفٌ في الإيمانِ فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وأراهم أنَّ مِنهم فَرِيقًا قُلَّبًا لا يَرْعى عَهْدًا ولا يَسْتَقِرُّ لَهُمُ اعْتِقادٌ وأنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ يَقِينِهِمْ وغَلَبَةِ الجُبْنِ عَلَيْهِمْ حَتّى يَدْعُوَهم إلى نَبْذِ عَهْدِ اللَّهِ. وهَذا تَنْبِيهٌ لِلْقَبِيلَيْنِ لِيَزْجُرُوا مَن نَكَثَ مِنهم.
وتَأْكِيدُ هَذا الخَبَرِ بِلامِ القَسَمِ وحَرْفِ التَّحْقِيقِ وفِعْلِ كانَ، مَعَ أنَّ الكَلامَ مُوَجَّهٌ إلى المُؤْمِنِينَ تَنْزِيلًا لِلسّامِعِينَ مَنزِلَةَ مَن يَتَرَدَّدُ في أنَّهم عاهَدُوا اللَّهَ عَلى الثَّباتِ.
وزِيادَةُ مِن قَبْلُ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ ذَلِكَ العَهْدَ قَدِيمٌ مُسْتَقِرٌّ وهو عَهْدُ يَوْمِ أُحُدٍ.
وجُمْلَةُ ﴿لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ﴾ بَيانٌ لِجُمْلَةِ عاهَدُوا.
والتَّوْلِيَةُ: التَّوَجُّهُ بِالشَّيْءِ وهي مُشْتَقَّةٌ مِنَ الوَلْيِ وهو القُرْبُ، قالَ تَعالى: ﴿فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ [البقرة: ١٤٤] .
والأدْبارُ: الظُّهُورُ. وتَوْلِيَةُ الأدْبارِ: كِنايَةٌ عَنِ الفِرارِ فَإنَّ الَّذِي اسْتَأْذَنُوا لِأجْلِهِ في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ أرادُوا مِنهُ الفِرارَ ألا تَرى قَوْلَهُ ﴿إنْ يُرِيدُونَ إلّا فِرارًا﴾ [الأحزاب: ١٣]، والفِرارُ مِمّا عاهَدُوا اللَّهَ عَلى تَرْكِهِ.
وجُمْلَةُ ﴿وكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ ﴿ولَقَدْ كانُوا عاهَدُوا﴾ إلَخْ. والمُرادُ بِعَهْدِ اللَّهِ: كُلُّ عَهْدٍ يُوَثِّقُهُ الإنْسانُ مَعَ رَبِّهِ.
والمَسْئُولُ: كِنايَةٌ عَنِ المُحاسَبِ عَلَيْهِ كَقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ: «وكُلُّكم مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وكَما تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿لِيَسْألَ الصّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٨] . وهَذا تَهْدِيدٌ.