﴿إنْ تُبْدُوا شَيْئًا أوْ تُخْفُوهُ فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ .

كَلامٌ جامِعٌ تَحْرِيضًا وتَحْذِيرًا ومُنْبِئٌ عَنْ وعِيدٍ، فَإنَّ ما قَبْلَهُ قَدْ حَوى أمْرًا ونَهْيًا، وإذا كانَ الِامْتِثالُ مُتَفاوِتًا في الظّاهِرِ والباطِنِ وبِخاصَّةٍ في النَّوايا والمُضْمَراتِ كانَ المَقامُ مُناسِبًا لِتَنْبِيهِهِمْ بِأنَّ اللَّهَ مَطَّلِعٌ عَلى كُلِّ حالٍ مِن أحْوالِهِمْ في ذَلِكَ وعَلى كُلِّ شَيْءٍ، فالمُرادُ مِن (شَيْئًا) الأوَّلِ شَيْءٌ مِمّا يُبْدُونَهُ أوْ يُخْفُونَهُ وهو يَعُمُّ كُلَّ ما يَبْدُو وما يَخْفى لِأنَّ النَّكِرَةَ في سِياقِ الشَّرْطِ تَعُمُّ. والجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ لِما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ العُمُومِ في قَوْلِهِ (بِكُلِّ شَيْءٍ) . وإظْهارُ لَفْظِ شَيْءٍ هُنا دُونَ إضْمارِ لِأنَّ الإضْمارَ لا يَسْتَقِيمُ لِأنَّ الشَّيْءَ المَذْكُورَ ثانِيًا هو غَيْرُ المَذْكُورِ أوَّلًا، إذِ المُرادُ بِالثّانِي جَمِيعُ المَوْجُوداتِ والمُرادُ بِالأوَّلِ خُصُوصُ أحْوالِ النّاسِ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ، فاللَّهُ عَلِيمٌ بِكُلِّ كائِنٍ ومِن جُمْلَةِ ذَلِكَ ما يُبْدُونَهُ ويُخْفُونَهُ مِن أحْوالِهِمْ.