Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما ورَبُّ المَشارِقِ﴾ أتْبَعَ تَأْكِيدَ الإخْبارِ عَنْ وحْدانِيَّةِ اللَّهِ تَعالى بِالِاسْتِدْلالِ عَلى تَحْقِيقِ ذَلِكَ الإخْبارِ لِأنَّ القَسَمَ لِتَأْكِيدِهِ لا يُقْنِعُ المُخاطَبِينَ لِأنَّهم مُكَذِّبُونَ مَن بَلَّغَ إلَيْهِمُ القَسَمَ، فالجُمْلَةُ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ لِبَيانِ الإلَهِ الواحِدِ مَعَ إدْماجِ الِاسْتِدْلالِ عَلى تَعْيِينِهِ بِذِكْرِ ما هو مِن خَصائِصِهِ المُقْتَضِي تَفَرُّدَهُ بِالإلَهِيَّةِ.
فَقَوْلُهُ رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. والتَّقْدِيرُ: هو رَبُّ السَّماواتِ، أيْ: إلاهُكُمُ الواحِدُ هو الَّذِي تَعْرِفُونَهُ بِأنَّهُ رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ إلى آخِرِهِ.
فَقَوْلُهُ (﴿رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ﴾) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ جَرى حَذْفُهُ عَلى طَرِيقَةِ الِاسْتِعْمالِ في حَذْفِ المُسْنَدِ إلَيْهِ مِنَ الكَلامِ الوارِدِ بَعْدَ تَقَدُّمِ حَدِيثٍ عَنْهُ كَما نَبَّهَ عَلَيْهِ صاحِبُ المِفْتاحِ.
فَإنَّ المُشْرِكِينَ مَعَ غُلُوِّهِمْ في الشِّرْكِ لَمْ يَتَجَرَّءُوا عَلى ادِّعاءِ الخالِقِيَةِ لِأصْنامِهِمْ ولا التَّصَرُّفِ في العَوالِمِ العُلْوِيَّةِ، وكَيْفَ يَبْلُغُونَ إلَيْها وهم لَقًى عَلى وجْهِ الأرْضِ، فَكانَ تَفَرُّدُ اللَّهِ بِالخالِقِيَةِ أفْحَمَ حُجَّةٍ عَلَيْهِمْ في بُطْلانِ إلَهِيَّةِ الأصْنامِ.
وشَمِلَ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما جَمِيعَ العَوالِمِ المَشْهُودَةِ لِلنّاسِ بِأجْرامِها وسُكّانِها والمَوْجُوداتِ فِيها.
وتَخْصِيصُ المَشارِقِ بِالذِّكْرِ مِن بَيْنِ ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرْضَ لِأنَّها أحْوالٌ مَشْهُودَةٌ كُلَّ يَوْمٍ.
وجَمْعُ ”المَشارِقِ“ بِاعْتِبارِ اخْتِلافِ مَطْلَعِ الشَّمْسِ في أيّامِ نِصْفِ سَنَةِ دَوْرَتِها - وهي السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ وهي مِائَةٌ وثَمانُونَ شَرْقًا - بِاعْتِبارِ أطْوَلِ نَهارٍ في السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ
صفحة ٨٧
وأقْصَرِهِ مُكَرَّرَةً مَرَّتَيْنِ في السَّنَةِ، ابْتِداءً مِنَ الرُّجُوعِ الشِّتْوِيِّ إلى الرُّجُوعِ الخَرِيفِيِّ، وهي مَطالِعُ مُتَقارِبَةٌ لَيْسَتْ مُتَّحِدَةً، فَإنَّ المَشْرِقَ اسْمٌ لِمَكانِ شُرُوقِ الشَّمْسِ وهو ظُهُورِها فَإذا راعَوُا الجِهَةَ دُونَ الفَصْلِ قالُوا: المَشْرِقَ - بِالإفْرادِ - وإذا رُوعِيَ الفَصْلانِ الشِّتاءُ والصَّيْفُ قِيلَ: رَبُّ المَشْرِقَيْنِ، عَلى أنَّ جَمْعَ المَشارِقِ قَدْ يَكُونُ بِمُراعاةِ اخْتِلافِ المَطالِعِ في مَبادِئِ الفُصُولِ الأرْبَعَةِ. والآيَةُ صالِحَةٌ لِلِاعْتِبارَيْنِ لِيَعْتَبِرَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ النّاسِ بِها عَلى حَسَبِ مَبالِغِ عَمَلِهِمْ.