﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ ﴿سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ﴾ ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُؤْمِنِينَ﴾ القَوْلُ في ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ نَظِيرُ الكَلامِ المُتَقَدِّمِ في ذِكْرِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في هَذِهِ السُّورَةِ، وإعادَتُهُ هُنا تَأْكِيدٌ لِما سَبَقَ لِزِيادَةِ التَّنْوِيهِ بِإبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - .

ويَرِدُ أنْ يُقالَ: لِماذا لَمْ تُؤَكَّدْ جُمْلَةُ ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ بِ (إنَّ) هُنا، وأُكِّدَتْ مَعَ ذِكْرِ نُوحٍ وفِيما تَقَدَّمَ مِن ذِكْرِ إبْراهِيمَ. وأشارَ في الكَشّافِ أنَّهُ لَمّا تَقَدَّمَ في هَذِهِ القِصَّةِ قَوْلُهُ ﴿إنّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٥] وكانَ إبْراهِيمُ هو المَجْزِيَّ اكْتُفِيَ بِتَأْكِيدِ نَظِيرِهِ عَنْ تَأْكِيدِهِ، أيْ لِأنَّهُ بِالتَّأْكِيدِ الأوَّلِ حَصَلَ الِاهْتِمامُ فَلَمْ يَبْقَ داعٍ لِإعادَتِهِ.

واقْتَصَرَ عَلى تَأْكِيدِ مَعْنى الجُمْلَةِ تَأْكِيدًا لَفْظِيًّا لِأنَّهُ تَقْرِيرٌ لِلْعِنايَةِ بِجَزائِهِ عَلى إحْسانِهِ.

ولَمْ يَذْكُرْ هُنا ”في العالَمِينَ“ لِأنَّ إبْراهِيمَ لا يَعْرِفُهُ جَمِيعُ الأُمَمِ مِنَ البَشَرِ بِخِلافِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كَما تَقَدَّمَ في قِصَّتِهِ.