﴿قُلْ إنِّيَ أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هَذا القَوْلُ مُتَعَيِّنٌ لِأنْ يَكُونَ الرَّسُولُ ﷺ مَأْمُورًا بِأنْ يُواجِهَ بِهِ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ كانُوا يُحاوِلُونَ النَّبِيءَ ﷺ أنْ يَتْرُكَ الدَّعْوَةَ وأنْ يُتابِعَ دِينَهم. وهُما أحَدُ الشِّقَّيْنِ

صفحة ٣٥٩

اللَّذَيْنِ وُجِّهَ الخِطابُ السّابِقُ إلَيْهِما، وتَعْيِينُ كُلٍّ لِما وُجِّهَ إلَيْهِ مُنْطَوٍ بِقَرِينَةِ السِّياقِ وقَرِينَةِ ما بَعْدَهُ مِن قَوْلِهِ ﴿فاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِن دُونِهِ﴾ [الزمر: ١٥] .

وإعادَةُ الأمْرِ بِالقَوْلِ عَلى هَذا لِلتَّأْكِيدِ اهْتِمامًا بِهَذا المَقُولِ، وأمّا عَلى الوَجْهِ الثّانِي مِنَ الوَجْهَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ في المُرادِ مِن تَوْجِيهِ المَطْلَبِ في قَوْلِهِ ﴿إنِّي أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: ١١] الآيَةَ؛ فَتَكُونُ إعادَةُ فِعْلِ ”قُلْ“ لِأجْلِ اخْتِلافِ المَقْصُودِينَ بِتَوْجِيهِ القَوْلِ إلَيْهِمْ، وقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مُقاتِلٍ: قالَ كُفّارُ قُرَيْشٍ لِلنَّبِيءِ: ما يَحْمِلُكَ عَلى هَذا الدِّينِ الَّذِي أتَيْتَنا بِهِ ألا تَنْظُرَ إلى مِلَّةِ أبِيكَ وُجِدِّكَ وساداتِ قَوْمِكَ يَعْبُدُونَ اللّاتَ والعُزّى.