Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿فَلَمّا رَأوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللَّهِ وحْدَهُ وكَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهم إيمانُهم لَمّا رَأوْا بَأْسَنا﴾ [غافر: ٨٥] .
مَوْقِعُ جُمْلَةِ ﴿فَلَمّا رَأوْا بَأْسَنا﴾ مِن قَوْلِهِ ﴿فَلَمّا جاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ﴾ [غافر: ٨٣] كَمَوْقِعِ جُمْلَةِ ﴿فَلَمّا جاءَتْهم رُسُلُهُمْ﴾ [غافر: ٨٣] مِن قَوْلِهِ ﴿كانُوا أكْثَرَ مِنهُمْ﴾ [غافر: ٨٢] لِأنَّ إفادَةَ لَمّا مَعْنى التَّوْقِيتِ يُثِيرُ مَعْنى تَوْقِيتِ انْتِهاءِ ما قَبْلَها، أيْ دامَ دُعاءُ الرُّسُلِ إيّاهم ودامَ
صفحة ٢٢٢
تَكْذِيبُهم واسْتِهْزاؤُهم إلى أنْ رَأوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللَّهِ وحْدَهُ.والبَأْسُ: الشِّدَّةُ في المَكْرُوهِ، وهو جامِعٌ لِأصْنافِ العَذابِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿إلّا أخَذْنا أهْلَها بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ لَعَلَّهم يَضَّرَّعُونَ﴾ [الأعراف: ٩٤] ﴿فَلَوْلا إذْ جاءَهم بَأْسُنا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: ٤٣] فَذَلِكَ البَأْسُ بِمَعْنى البَأْساءِ، ألا تَرى إلى قَوْلِهِ تَضَرَّعُوا وهو هُنا يَقُولُ ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهم إيمانُهم لَمّا رَأوْا بَأْسَنا﴾ [غافر: ٨٥] . فالبَأْسُ هُنا العَذابُ الخارِقُ لِلْعادَةِ المُنْذِرُ بِالفَناءِ فَإنَّهم لَمّا رَأوْهُ عَلِمُوا أنَّهُ العَذابُ الَّذِي أُنْذِرُوهُ.
وفُرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهم إيمانُهم لَمّا رَأوْا بَأْسَنا﴾ [غافر: ٨٥]، أيْ حِينَ شاهَدُوا العَذابَ لَمْ يَنْفَعْهُمُ الإيمانُ لِأنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ الإيمانَ عِنْدَ نُزُولِ عَذابِهِ.
وعَدَلَ عَنْ أنْ يُقالَ: فَلَمْ يَنْفَعْهم، إلى قَوْلِهِ ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ﴾ [غافر: ٨٥] لِدَلالَةِ فِعْلِ الكَوْنِ عَلى أنَّ خَبَرَهُ مُقَرَّرُ الثُّبُوتِ لِاسْمِهِ، فَلَمّا أُرِيدَ نَفْيُ ثُبُوتِ النَّفْعِ إيّاهم بَعْدَ فَواتِ وقْتِهِ اجْتَلَبَ لِذَلِكَ نَفْيَ فِعْلِ الكَوْنِ الَّذِي خَبَرُهُ يَنْفَعُهم.
والمَعْنى أنَّ الإيمانَ بَعْدَ رُؤْيَةِ بَوارِقِ العَذابِ لا يُفِيدُ صاحِبَهُ مِثْلَ الإيمانِ عِنْدَ الغَرْغَرَةِ ومِثْلَ الإيمانِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها كَما جاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ وسَيَأْتِي بَيانُ هَذا عَقِبَهُ.