صفحة ١٣٠

﴿وما كانَ لَهم مِن أوْلِياءَ يَنْصُرُونَهم مِن دُونِ اللَّهِ﴾

عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿ألا إنَّ الظّالِمِينَ في عَذابٍ مُقِيمٍ﴾ [الشورى: ٤٥]، أيْ هم في عَذابٍ دائِمٍ لا يَجِدُونَ مِنهُ نَصِيرًا. وهو رَدٌّ لِمَزاعِمِهِمْ أنَّ آلِهَتَهم تَنْفَعُهم عِنْدَ اللَّهِ.

وجُمْلَةُ يَنْصُرُونَهم صِفَةٌ لِـ (أوْلِياءَ) لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ المُرادَ هُنا وِلايَةٌ خاصَّةٌ، وهي وِلايَةُ النَّصْرِ، كَما كانَ قَوْلُهُ سابِقًا ﴿ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن ولِيٍّ مِن بَعْدِهِ﴾ [الشورى: ٤٤] مُرادًا بِهِ وِلايَةُ الإرْشادِ.

و(مِن) زائِدَةٌ في النَّفْيِ لِتَأْكِيدِ نَفْيِ الوَلِيِّ لَهم.

وقَوْلُهُ: ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [الشعراء: ٩٣] صِفَةٌ ثانِيَةٌ لِـ (أوْلِياءَ) وهي صِفَةٌ كاشِفَةٌ.

و(مِن) زائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ تَعَلُّقِ ظَرْفِ دُونَ بِالفِعْلِ.

* * *

﴿ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن سَبِيلٍ﴾ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ ﴿وما كانَ لَهم مِن أوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ﴾، وتَقَدَّمَ آنِفًا الكَلامُ عَلى نَظِيرِهِ وهو ﴿ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن ولِيٍّ مِن بَعْدِهِ﴾ [الشورى: ٤٤] .

وسَبِيلٍ نَكِرَةٌ في سِياقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ كُلَّ سَبِيلٍ مُخَلِّصٍ مِنَ الضَّلالِ ومِن آثارِهِ، والمَقْصُودُ هُنا ابْتِداءً هو سَبِيلُ الفِرارِ مِنَ العَذابِ المُقِيمِ كَما يَقْتَضِيهِ السِّياقُ. وبِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ما هُنا تَأْكِيدًا لِما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ: ﴿ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن ولِيٍّ مِن بَعْدِهِ﴾ [الشورى: ٤٤] .