Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿واسْألْ مَن أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنا أجَعَلْنا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ الأمْرُ بِالسُّؤالِ هُنا تَمْثِيلٌ لِشُهْرَةِ الخَبَرِ وتَحَقُّقِهِ كَما في قَوْلِ السَّمَوْألِ أوِ الحارِثِيِّ:
سَلِي إنْ جَهِلْتِ النّاسَ عَنّا وعَنْهُمُ
وقَوْلِ زَيْدِ الخَيْلِ:سائِلْ فَوارِسَ يَرْبُوعٍ بِشِدَّتِنا
وقَوْلِهِ ﴿فاسْألِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتابَ مِن قَبْلِكَ﴾ [يونس: ٩٤] إذْ لَمْ يَكُنِ الرَّسُولُ ﷺ في شَكٍّ حَتّى يَسْألَ، وإلّا فَإنَّ سُؤالَهُ الرُّسُلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِ مُتَعَذِّرٌ عَلى الحَقِيقَةِ. والمَعْنى: اسْتَقْرِ شَرائِعَ الرُّسُلِ وكُتُبَهم وأخْبارَهم هَلْ تَجِدُ فِيها عِبادَةَ آلِهَةٍ. وفي الحَدِيثِ واسْتَفْتِ قَلْبَكَ أيْ تَثَبَّتْ في مَعْرِفَةِ الحَلالِ والحَرامِ.وجُمْلَةُ ”أجَعَلْنا“ بَدَلٌ مِن جُمْلَةِ ”واسْألْ“، والهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهامِ وهو إنْكارِيٌّ وهو المَقْصُودُ مِنَ الخَبَرِ، وهو رَدٌّ عَلى المُشْرِكِينَ في قَوْلِهِمْ ﴿إنّا وجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وإنّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢] أيْ لَيْسَ آباؤُكم بِأهْدى مِنَ الرُّسُلِ الأوَّلِينَ إنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ تَكْذِيبَ رَسُولِنا لِأنَّهُ أمَرَكم بِإفْرادِ اللَّهِ بِالعِبادَةِ.
ويَجُوزُ أنْ يُجْعَلَ السُّؤالُ عَنْ شُهْرَةِ الخَبَرِ.
ومَعْنى الكَلامِ: وإنّا ما أمَرْنا بِعِبادَةِ آلِهَةٍ دُونَنا عَلى لِسانِ أحَدٍ مِن رُسُلِنا. وهَذا رَدٌّ لِقَوْلِ المُشْرِكِينَ ﴿لَوْ شاءَ الرَّحْمَنُ ما عَبَدْناهُمْ﴾ [الزخرف: ٢٠] .
و(مِن) في قَوْلِهِ ”مِن قَبْلِكَ“ لِتَأْكِيدِ اتِّصالِ الظَّرْفِ بِعامِلِهِ.
صفحة ٢٢٣
و(مِن) في قَوْلِهِ مِن رُسُلِنا بَيانٌ لِـ ”قَبْلِكَ“ .فَمَعْنى ”أجَعَلْنا“ ما جَعَلْنا ذَلِكَ، أيْ جَعْلَ التَّشْرِيعِ والأمْرِ، أيْ ما أمَرْنا بِأنْ تُعْبَدَ آلِهَةٌ دُونَنا.
فَوَصَفَ آلِهَةً بِـ يُعْبَدُونَ لِنَفْيِ أنْ يَكُونَ اللَّهُ يَرْضى بِعِبادَةِ غَيْرِهِ فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونَ غَيْرَهُ إلَهًا مِثْلَهُ وذَلِكَ أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يَعْبُدُونَ الأصْنامَ وكانُوا في عَقائِدِهِمْ أشْتاتًا فَمِنهم مَن يَجْعَلُ الأصْنامَ آلِهَةً شُرَكاءَ لِلَّهِ، ومِنهم مَن يَزْعُمُ أنَّهُ يَعْبُدُهم لِيُقَرِّبُوهُ مِنَ اللَّهِ زُلْفى، ومِنهم مَن يَزْعُمُهم شُفَعاءَ لَهم عِنْدَ اللَّهِ. فَلَمّا نُفِيَ بِهَذِهِ الآيَةِ أنْ يَكُونَ جَعَلَ آلِهَةً يُعْبَدُونَ أبْطَلَ جَمِيعَ هَذِهِ التَّمَحُّلاتِ.
وأُجْرِيَ ”آلِهَةً“ مَجْرى العُقَلاءِ فَوُصِفُوا بِصِيغَةِ جَمْعِ العُقَلاءِ بِقَوْلِهِ ”يُعْبَدُونَ“ . ومِثْلُهُ كَثِيرٌ في القُرْآنِ جَرْيًا عَلى ما غَلَبَ في لِسانِ العَرَبِ إذِ اعْتَقَدُوهم عُقَلاءَ عالِمِينَ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ والكِسائِيُّ (وسَلْ) بِتَخْفِيفِ الهَمْزَةِ.