﴿ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مَن دُونِهِ الشَّفاعَةَ إلّا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وهم يَعْلَمُونَ﴾ لَمّا أنْبَأهم أنَّ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما وعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ أعْلَمَهم أنَّ ما يَعْبُدُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَقْدِرُ عَلى أنْ يَشْفَعَ لَهم في الدُّنْيا إبْطالًا لِزَعْمِهِمْ أنَّهم شُفَعاؤُهم عِنْدَ اللَّهِ.

ولَمّا كانَ مِن جُمْلَةِ مَن عَبَدُوا دُونَ اللَّهِ المَلائِكَةُ اسْتَثْناهم بِقَوْلِهِ ﴿إلّا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وهم يَعْلَمُونَ﴾ أيْ فَهم يُشَفَّعُونَ، وهَذا في مَعْنى قَوْلِهِ ﴿وقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٦] ثُمَّ قالَ ﴿ولا يَشْفَعُونَ إلّا لِمَنِ ارْتَضى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، وقَدْ مَضى في سُورَةِ الأنْبِياءِ.

ووَصَفَ الشُّفَعاءَ بِأنَّهم شَهِدُوا بِالحَقِّ وهم يَعْلَمُونَ أيْ وهم يَعْلَمُونَ حالَ مَن يَسْتَحِقُّ الشَّفاعَةَ. فَقَدْ عَلِمَ أنَّهم لا يَشْفَعُونَ لِلَّذِينِ خالَفَ حالُهم حالَ مَن يَشْهَدُ لِلَّهِ بِالحَقِّ.