﴿والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهم هُدًى وآتاهم تَقْواهُمْ﴾

جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ ﴿ومِنهم مَن يَسْتَمِعُ إلَيْكَ﴾ [محمد: ١٦] وما فُهِمَ عَنْها مِن قَوْلِهِ ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلّا السّاعَةَ﴾ [محمد: ١٨] والواوُ اعْتِراضِيَّةٌ. والمَقْصُودُ مِن هَذا الِاعْتِراضِ: مُقابَلَةُ فَرِيقِ الضَّلالَةِ بِفَرِيقِ الهِدايَةِ عَلى الأُسْلُوبِ الَّذِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ كَما تَقَدَّمَ في أوَّلِها. فَهَذا أُسْلُوبٌ مُسْتَمِرٌّ وإنِ اخْتَلَفَتْ مَواقِعُ جُمَلِهِ.

والمَعْنى: والَّذِينَ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهم لِلْإيمانِ فاهْتَدَوْا لَطَفَ اللَّهِ بِهِمْ فَزادَهم هُدًى وأرْسَخَ الإيمانَ في قُلُوبِهِمْ ووَفَّقَهم لِلتَّقْوى، فاتَّقَوْا وغالَبُوا أهْواءَهم.

وإيتاءُ التَّقْوى مُسْتَعارٌ لِتَيْسِيرِ أسْبابِها إذِ التَّقْوى مَعْنًى نَفْسانِيٌّ، والإيتاءُ يَتَعَدّى حَقِيقَةً لِلذَّواتِ.

وإضافَةُ التَّقْوى إلى ضَمِيرِ ﴿الَّذِينَ اهْتَدَوْا﴾ [مريم: ٧٦] إيماءٌ إلى أنَّهم عُرِفُوا بِها واخْتَصَّتْ بِهِمْ.