﴿إنَّما الحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ﴾

تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ ﴿فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلى السَّلْمِ﴾ [محمد: ٣٥] الآيَةَ، وافْتِتاحُها بِـ (إنَّ) مُغْنٍ عَنِ افْتِتاحِها بِفاءِ التَّسَبُّبِ عَلى ما بَيَّنَهُ في دَلائِلِ الإعْجازِ، ولَيْسَ اتِّصالُ

صفحة ١٣٣

(إنَّ) بِـ (ما) الزّائِدَةِ الكافَّةِ بِمُغَيِّرٍ مَوْقِعَها بِدُونِ (ما) لِأنَّ اتِّصالَها بِها زادَها مَعْنى الحَصْرِ.

والمُرادُ بِـ ”الحَياةِ“ أحْوالُ مُدَّةِ الحَياةِ فَهو عَلى حَذْفِ مُضافَيْنِ.

واللَّعِبُ: الفِعْلُ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ فاعِلُهُ الهَزْلَ دُونَ اجْتِناءِ فائِدَةٍ كَأفْعالِ الصِّبْيانِ في مَرَحِهِمْ.

واللَّهْوُ: العَمَلُ الَّذِي يُعْمَلُ لِصَرْفِ العَقْلِ عَنْ تَعَبِ الجِدِّ في الأُمُورِ فَيَلْهُو عَنْ ما يَهْتَمُّ لَهُ ويُكِدُّ عَقْلَهُ.

والإخْبارُ عَنِ الحَياةِ بِأنَّها لَعِبٌ ولَهْوٌ عَلى مَعْنى التَّشْبِيهِ البَلِيغِ، شُبِّهَتْ أحْوالُ الحَياةِ الدُّنْيا بِاللَّعِبِ واللَّهْوِ في عَدَمَ تُرَتُّبِ الفائِدَةِ عَلَيْها لِأنَّها فانِيَةٌ مُنْقَضِيَةٌ، والآخِرَةُ هي دارُ القَرارِ.

وهَذا تَحْذِيرٌ مِن أنْ يَحْمِلَهم حُبُّ لَذائِذِ العَيْشِ عَلى الزَّهادَةِ في مُقابَلَةِ العَدُوِّ ويَتْلُو إلى مُسالَمَتِهِ فَإنَّ ذَلِكَ يُغْرِي العَدُوَّ بِهِمْ.

وحُبُّ الفَتى طُولَ الحَياةِ يُذِلُّهُ وإنْ كانَ فِيهِ نَخْوَةٌ وعِـزامُ