Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿قُلْ أتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكم واللَّهُ يَعْلَمُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
أُعِيدَ فِعْلُ قُلْ لِيَدُلَّ عَلى أنَّ المَقُولَ لَهم هَذا هُمُ الأعْرابُ الَّذِينَ أُمِرَ أنْ يَقُولَ لَهم: ”لَمْ تُؤْمِنُوا“ إلى آخِرِهِ، فَأُعِيدَ لَمّا طالَ الفَصْلُ بَيْنَ القَوْلَيْنِ بِالجُمَلِ المُتَتابِعَةِ، فَهَذا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ ﴿ولَمّا يَدْخُلِ الإيمانُ في قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ١٤] اتِّصالَ البَيانِ بِالمُبَيِّنِ، ولِذَلِكَ لَمْ تُعْطَفْ جُمْلَةُ الِاسْتِفْهامِ.
وجُمْلَةُ قُلْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ المُبَيِّنَةِ والمُبَيَّنَةِ.
قِيلَ: إنَّهم لَمّا سَمِعُوا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا﴾ [الحجرات: ١٤] الآيَةَ، جاءُوا إلى النَّبِيءِ ﷺ وحَلَفُوا أنَّهم مُؤْمِنُونَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ﴾ ولَمْ يُرْوَ بِسَنَدٍ مَعْرُوفٍ وإنَّما ذَكَرَهُ البَغَوِيُّ تَفْسِيرًا ولَوْ كانَ كَذَلِكَ لَوَبَّخَهُمُ اللَّهُ عَلى الأيْمانِ الكاذِبَةِ كَما وبَّخَ المُنافِقِينَ في سُورَةِ (بَراءَةٌ) بِقَوْلِهِ: ﴿وسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكم يُهْلِكُونَ أنْفُسَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٢] الآيَةَ. ولَمْ أرَ ذَلِكَ بِسَنَدٍ مَقْبُولٍ، فَهَذِهِ الآيَةُ مِمّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأنْ يَقُولَهُ لَهم.
والتَّعْلِيمُ مُبالَغَةٌ في إيصالِ العِلْمِ إلى المُعَلَّمِ لِأنَّ صِيغَةَ التَّفْعِيلِ تَقْتَضِي قُوَّةً في حُصُولِ الفِعْلِ كالتَّفْرِيقِ والتَّفْسِيرِ، يُقالُ: أعْلَمَهُ وعَلَّمَهُ كَما يُقالُ: أنْبَأهُ ونَبَّأهُ. وهَذا يُفِيدُ أنَّهم تَكَلَّفُوا وتَعَسَّفُوا في الِاسْتِدْلالِ عَلى خُلُوصِ إيمانِهِمْ لِيُقْنِعُوا بِهِ الرَّسُولَ ﷺ الَّذِي أبْلَغَهم أنَّ اللَّهَ نَفى عَنْهم رُسُوخَ الإيمانِ بِمُحاوَلَةِ إقْناعِهِ تَدُلُّ إلى مُحاوَلَةِ إقْناعِ اللَّهِ بِما يَعْلَمُ خِلافَهُ.
وباءُ ”بِدِينِكم“ زائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الفِعْلِ بِمَفْعُولِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، وقَوْلِ النّابِغَةِ:
صفحة ٢٦٩
لَكَ الخَيْرانِ وارَتْ بِكَ الأرْضُ واحِدًا
والِاسْتِفْهامُ في ﴿أتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ﴾ مُسْتَعْمَلٌ في التَّوْبِيخِ وقَدْ أُيِّدَ التَّوْبِيخُ بِجُمْلَةِ الحالِ في قَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ .وفِي هَذا تَجْهِيلٌ إذْ حاوَلُوا إخْفاءَ باطِنِهِمْ عَنِ المُطَّلِعِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ.
وجُمْلَةُ ﴿واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم﴾ تَذْيِيلٌ لِأنَّ كُلَّ شَيْءٍ أعَمُّ مِن ﴿ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ فَإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ صِفاتِهِ ويَعْلَمُ المَوْجُوداتِ الَّتِي هي أعْلى مِنَ السَّماواتِ كالعَرْشِ.