Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿رِزْقًا لِلْعِبادِ﴾
مَفْعُولٌ لِأجْلِهِ لِقَوْلِهِ: ”فَأنْبَتْنا بِهِ جَنّاتٍ“ إلى آخِرِهِ، فَهو مَصْدَرٌ، أيْ لِنَرْزُقَ العِبادَ، أيْ نُقَوِّتَهم.
والقَوْلُ في التَّعْلِيلِ بِهِ كالقَوْلِ في التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ: ”﴿تَبْصِرَةً وذِكْرى﴾ [ق: ٨]“ .
والعِبادُ: النّاسُ وهو جَمْعُ عَبْدٍ بِمَعْنى عَبْدِ اللَّهِ، فَأمّا العَبْدُ المَمْلُوكُ فَجَمْعُهُ العَبِيدُ. وهَذا اسْتِدْلالٌ وامْتِنانٌ.
* * *
صفحة ٢٩٤
﴿وأحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ عَطْفٌ عَلى ”رِزْقًا لِلْعِبادِ“ عَطْفَ الفِعْلِ عَلى الِاسْمِ المُشْتَقِّ مِنَ الفِعْلِ وهو رِزْقُهُ المُشْتَقُّ لِأنَّهُ في مَعْنى: رِزْقُنا العِبادَ وأحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا، أيْ لِرَعْيِ الأنْعامِ والوَحْشِ فَهو اسْتِدْلالٌ وفِيهِ امْتِنانٌ.والبَلْدَةُ: القِطْعَةُ مِنَ الأرْضِ.
والمَيْتُ بِالتَّخْفِيفِ: مُرادِفُ المَيِّتِ بِالتَّشْدِيدِ قالَ تَعالى: ﴿وآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ المَيْتَةُ أحْيَيْناها وأخْرَجْنا مِنها حَبًّا فَمِنهُ يَأْكُلُونَ﴾ [يس: ٣٣] .
وتَذْكِيرُ المَيْتِ وهو وصْفٌ لِلْبَلْدَةِ، وهي مُؤَنَّثٌ عَلى تَأْوِيلِهِ بِالبَلَدِ لِأنَّهُ مُرادِفُهُ، وبِالمَكانِ لِأنَّهُ جِنْسُهُ، شَبَّهَ الجَدْبَ بِالمَوْتِ في انْعِدامِ ظُهُورِ الآثارِ، ولِذَلِكَ سُمِّيَ ضِدَّهُ وهو إنْباتُ الأرْضِ حَياةً. ويُقالُ لِخِدْمَةِ الأرْضِ اليابِسَةِ وسَقْيِها: إحْياءُ مَواتٍ.
* * *
﴿كَذَلِكَ الخُرُوجُ﴾ بَعْدَ ظُهُورِ الدَّلائِلِ بِصُنْعِ اللَّهِ عَلى إمْكانِ البَعْثِ لِأنَّ خَلْقَ تِلْكَ المَخْلُوقاتِ مِن عَدَمٍ يَدُلُّ عَلى أنَّ إعادَةَ بَعْضِ المَوْجُوداتِ الضَّعِيفَةِ أمْكَنُ وأهْوَنُ، جِيءَ بِما يُفِيدُ تَقْرِيبَ البَعْثِ بِقَوْلِهِ: ”كَذَلِكَ الخُرُوجُ“ .فَهَذِهِ الجُمْلَةُ فَذْلَكَةٌ لِلِاسْتِدْلالِ عَلى إمْكانِ البَعْثِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الجُمَلُ السّابِقَةُ فَوَجَبَ انْفِصالُ هَذِهِ الجُمْلَةِ فَتَكُونُ اسْتِئْنافًا أوِ اعْتِراضًا في آخِرِ الكَلامِ عَلى رَأْيِ مَن يُجِيزُهُ وهو الأصَحُّ.
والإشارَةُ بِذَلِكَ إلى ما ذُكِرَ آنِفًا مِن إحْياءِ الأرْضِ بَعْدَ مَوْتِها، أيْ كَما أحْيَيْنا الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذَلِكَ نُحْيِي النّاسَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وبِلاهم، مَعَ إفادَتِها تَعْظِيمَ شَأْنِ المُشارِ إلَيْهِ، أيْ مِثْلُ البَعْثِ العَظِيمِ الإبْداعُ.
والتَّعْرِيفُ في الخُرُوجِ لِلْعَهْدِ، أيْ خُرُوجِ النّاسِ مِنَ الأرْضِ كَما قالَ تَعالى
صفحة ٢٩٥
﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْداثِ سِراعًا﴾ [المعارج: ٤٣] . فَـ ”الخُرُوجُ“ صارَ كالعَلَمِ بِالغَلَبَةِ عَلى البَعْثِ، وسَيَأْتِي قَوْلُهُ تَعالى: ”﴿ذَلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ﴾ [ق: ٤٢]“ .وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ عَلى المُبْتَدَأِ لِلِاهْتِمامِ بِالخَبَرِ لِما في الخَبَرِ مِن دَفْعِ الِاسْتِحالَةِ وإظْهارِ التَّقْرِيبِ، وفِيهِ تَشْوِيقٌ لِتَلَقِّي المُسْنَدِ إلَيْهِ.