﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَألْقِياهُ في العَذابِ الشَّدِيدِ﴾

يَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْمُ المَوْصُولِ بَدَلًا مِن ”كَفّارٍ عَنِيدٍ“ فَإنَّ المَعْرِفَةَ تُبَدَّلُ مِنَ النَّكِرَةِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ﴾ [الشورى: ٥٢]، عَلى أنَّ المَوْصُولَ هُنا تَعْرِيفُهُ لَفْظِيٌّ مُجَرَّدٌ لِأنَّ مَعْنى الصِّلَةِ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِمُعَيَّنٍ، وأنَّ قَوْلَهُ: ”فَألْقِياهُ“ تَفْرِيعٌ عَلى ﴿ألْقِيا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ﴾ [ق: ٢٤] ومَصَبُّ التَّفْرِيعِ المُتَعَلِّقِ وهو ﴿فِي العَذابِ الشَّدِيدِ﴾، أيْ في أشَدِّ عَذابِ جَهَنَّمَ تَفْرِيعًا عَلى الأمْرِ بِإلْقائِهِ في جَهَنَّمَ تَفْرِيعُ بَيانٍ، وإعادَةُ فِعْلِ ”ألْقِيا“ لِلتَّأْكِيدِ مَعَ تَفْرِيعِ مُتَعَلِّقِ الفِعْلِ المُؤَكَّدِ. وهَذا مِن بَدِيعِ النَّظْمِ، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهم قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وقالُوا مَجْنُونٌ وازْدُجِرَ﴾ [القمر: ٩]

صفحة ٣١٣

فَفَرَّعَ عَلى قَوْلِهِ: ”كَذَّبَتْ“ إلَخْ قَوْلَهُ ﴿فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وقالُوا مَجْنُونٌ وازْدُجِرَ﴾ [القمر: ٩] . ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أتَوْا ويُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهم بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ﴾ [آل عمران: ١٨٨]، فالمَقْصُودُ بِالتَّفْرِيعِ هو قَوْلُهُ: ﴿بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ﴾ [آل عمران: ١٨٨] وإعادَةُ ”تَحْسَبَنَّهم“ تُفِيدُ التَّأْكِيدَ، وعَلَيْهِ فالَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ: الكَفّارُ المُضافُ إلَيْهِ ”كُلَّ“ فَهو صادِقٌ عَلى جَماعَةِ الكَفّارِينَ فَضَمِيرُ النَّصْبِ في ”ألْقَيْناهُ“ بِمَنزِلَةِ ضَمِيرِ جَمْعٍ، أيْ فَألْقَياهم.

ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْمُ المَوْصُولِ مُبْتَدَأً عَلى اسْتِئْنافِ الكَلامِ ويُضَمَّنُ المَوْصُولُ مَعْنى الشَّرْطِ فَيَكُونُ في وُجُودِ الفاءِ في خَبَرِهِ لِأجْلِ ما فِيهِ مِن مَعْنى الشَّرْطِ وهَذا كَثِيرٌ. والمَقْصُودُ مِنهُ هُنا تَأْكِيدُ العُمُومِ الَّذِي في قَوْلِهِ: ﴿كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ﴾ [ق: ٢٤] .