﴿يَوْمَ تَشَّقَّقُ الأرْضُ عَنْهم سِراعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ﴾

إنْ جَرَيْتَ عَلى أقْوالِ المُفَسِّرِينَ في تَفْسِيرِ الآيَةِ السّابِقَةِ أفادَتْ هَذِهِ الآيَةُ بَيانًا لِجُمْلَةِ ذَلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ أوْ بَدَلَ اشْتِمالٍ مِنها مَعَ ما في المَعادِ مِنها مِن تَأْكِيدٍ لِمُرادِفِهِ.

وإنْ جَرَيْتَ عَلى ما ارْتَأيْتُهُ في مَحْمَلِ الآيَةِ السّابِقَةِ أفادَتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ اسْتِئْنافًا اسْتِدْلالًا عَلى إمْكانِ الحَشْرِ ووَصْفِ حالٍ مِن أحْوالِهِ وهو تَشَقُّقُ الأرْضِ عَنْهم، أيْ عَنْ أجْسادٍ مَثِيلَةٍ لِأجْسادِهِمْ وعَنِ الأجْسادِ الَّتِي لَمْ يَلْحَقْها الفَناءُ.

وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ وأبُو جَعْفَرٍ ويَعْقُوبُ (تَشَّقَّقُ) بِفَتْحِ التّاءِ

صفحة ٣٣٣

وتَشْدِيدِ الشِّينِ. وأصْلُهُ تَتَشَقَّقُ بِتاءَيْنِ فَأُدْغِمَتِ التّاءُ الثّانِيَةُ في الشِّينِ بَعْدَ قَلْبِها شِينًا لِتَقارُبِ مَخْرَجَيْهِما. وقَرَأهُ أبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ تَشَقَّقُ بِتَخْفِيفِ الشِّينِ عَلى حَذْفِ تاءِ التَّفَعُّلِ لِاسْتِثْقالِ الجَمْعِ بَيْنَ تاءَيْنِ.

و”سِراعًا“ حالٌ مِن ضَمِيرِ ”عَنْهم“ وهو جَمْعُ سَرِيعٍ، أيْ سِراعًا في الخُرُوجِ أوْ في المَشْيِ الَّذِي يَعْقُبُهُ إلى مَحَلِّ الحِسابِ.

والقَوْلُ في إعْرابِ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهم سِراعًا ذَلِكَ حَشْرٌ كالقَوْلِ في إعْرابِ قَوْلِهِ: يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِن مَكانٍ قَرِيبٍ إلى ذَلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ وكَذَلِكَ القَوْلُ في اخْتِلافِ اسْمِ الإشارَةِ مِثْلُهُ.

وتَقَدُّمُ المَجْرُورِ في ”عَلَيْنا“ لِلِاخْتِصاصِ، أيْ هو يَسِيرٌ في جانِبِ قُدْرَتِنا لا كَما زَعَمَهُ نُفاةُ الحَشْرِ.