Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿قُلْ تَرَبَّصُوا فَإنِّي مَعَكم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ .
ورَدَتْ جُمْلَةُ ﴿قُلْ تَرَبَّصُوا﴾ مَفْصُولَةً بِدُونِ عَطْفٍ لِأنَّها وقَعَتْ في مَقامِ المُحاوَرَةِ لِسَبْقِها بِجُمْلَةِ ﴿يَقُولُونَ شاعِرٌ﴾ [الطور: ٣٠] إلَخْ، فَإنْ أُمِرَ أحَدٌ بِأنْ يَقُولَ بِمَنزِلَةِ قَوْلِهِ فَأُمِرَ بِقَوْلِهِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكم أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الإسراء: ٥١] .
والأمْرُ في تَرَبَّصُوا مُسْتَعْمَلٌ في التَّسْوِيَةِ، أيْ: سَواءٌ عِنْدِي تَرَبُّصُهم بِي وعَدَمُهُ. وفَرَّعَ عَلَيْهِ ﴿فَإنِّي مَعَكم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾، أيْ: فَإنِّي مُتَرَبِّصٌ بِكم مِثْلَ ما تَتَرَبَّصُونَ بِي إذْ لا نَدْرِي أيُّنا يُصِيبُهُ رَيْبُ المَنُونِ قَبْلُ.
وتَأْكِيدُ الخَبَرِ بِ ”إنَّ“ في قَوْلِهِ ﴿فَإنِّي مَعَكم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ لِتَنْزِيلِ المُخاطَبِينَ مَنزِلَةَ مَن يُنْكِرُ أنَّهُ يَتَرَبَّصُ بِهِمْ كَما يَتَرَبَّصُونَ بِهِ؛ لِأنَّهم لِغُرُورِهِمُ اقْتَصَرُوا عَلى أنَّهم يَتَرَبَّصُونَ بِهِ لِيَرَوْا هَلاكَهُ، فَهَذا مِن تَنْزِيلِ غَيْرِ المُنْكِرِ مَنزِلَةَ المُنْكِرِ.
صفحة ٦٣
والمَعِيَّةُ في قَوْلِهِ مَعَكم ظاهِرُها أنَّها لِلْمُشارَكَةِ في وصْفِ التَّرَبُّصِ.ولَمّا كانَ قَوْلُهُ ﴿مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ مُقَدَّرًا مَعَهُ (بِكم) لِمُقابَلَةِ قَوْلِهِمْ ﴿نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ﴾ [الطور: ٣٠] كانَ في الكَلامِ تَوْجِيهٌ بِأنَّهُ يَبْقى مَعَهم يَتَرَبَّصُ هَلاكَهم حِينَ تَبْدُو بَوادِرُهُ، إشارَةً إلى أنَّ وقْعَةَ بَدْرٍ إذْ أصابَهم مِنَ الحَدَثانِ القَتْلُ والأسْرُ، فَتَكُونُ الآيَةُ مُشِيرَةً إلى صَرِيحِ قَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ بَراءَةَ ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إلّا إحْدى الحُسْنَيَيْنِ ونَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكم أنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِن عِنْدِهِ أوْ بِأيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إنّا مَعَكم مُتَرَبِّصُونَ﴾ [التوبة: ٥٢] . وإنَّما قالَ هُنا ﴿مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ لِيُشِيرَ إلى أنَّ النَّبِيءَ ﷺ يَتَرَبَّصُ بِهِمْ رَيْبَ المَنُونِ في جُمْلَةِ المُتَرَبِّصِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وذَلِكَ ما في آيَةِ سُورَةِ بَراءَةَ عَلى لِسانِ رَسُولِهِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ.
وقَدْ صِيغَ نَظْمُ الكَلامِ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى ما يُناسِبُ الِانْتِقالَ مِن غَرَضٍ إلى غَرَضٍ وذَلِكَ بِما نُهِّيَ بِهِ مِن شِبْهِ التَّذْيِيلِ بِقَوْلِهِ ﴿قُلْ تَرَبَّصُوا فَإنِّي مَعَكم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ إذْ تَمَّتْ بِهِ الفاصِلَةُ.